مينا ملاك عازر

من الآخر كده، أنا واحد من المصوتين على أن يكون الفريق أول عبد الفتاح السيسي شخصية العام في استفتاء مجلة تايمز الأمريكية، ودعوت الكثيرين للاستفتاء على ذلك بل نشرت الرابط الذي يؤدي للتصويت على صفحتي الشخصية بالفيسبوك، وكنت ولم أزل من الفرحين في أننا نجحنا في أن يربح الفريق أول الاستفتاء، فهو يستحقها إذ هدم مخططات عالمية وكسر تحالفات دولية. الفريق أول عبد الفتاح السيسي واجه قوى عظمى تحمل مطامح وأطماع في بلاده، وقوة خائنة حاولت هدم الدولة وتفتيتها وتقسيم الشعب وتفتيت وحدته فاستحق أن ينال شخصية العام بلا جدال ولا نقاش إذ واجه وجابه بتحمل مسؤولية إنقاذ البلاد، منفذاً أوامر صدرت له من شعب مصر الرافض لكل ما تقدم من مؤامرات ومخططات.
 
صحيح أنا كتبت عن دور قائد الحرس الجمهوري في مقال السابق، وعن دوره الذي لا أحد يستطيع أن ينكره في تنبيه الفريق أول السيسي لما يحاك له، ورفض إغراء المناصب وانحاز للشرعية، ولبى نداء الشعب، واستشعر الخطر المحدق بالبلاد وتحالف مع الفريق السيسي في إنقاذهما للبلاد في إنكار ذات رائع منه، وتواضع خلاب يخطف الألباب لكن رأيي هذا في اللواء محمد زكي لا يمكن أن يبخس السيسي حقه، ولذا صوت له وحثيت الآخرين لفعلها وسهلت لهم ذلك.
غير أن كل ما تقدم لا يمنعني من إعلان خشيتي من أن نصنع من السيسي إلهاً وديكتاتوراً قد لا يكون هو يريد ذلك، ولا يحلم به ولا يدر بخلده، وإنما كثرة التأييد والتشجيع قد يؤدي لأذى الشخص المؤيد أعرف أنه لم يفعل للآن ما يستحق النقد غير أنني أكرر خشيتي التي كثيراً ما تقفز لقلبي وتتملكه ليس منه وإنما عليه، من تلك السلطة المطلقة التي يعطيها له الشعب، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة0
 
ولدى مصر أكم من حكام بدأوا بتأييد شعبي، وكان فرط التأييد مفسدة لهم، ولدينا بالتاريخ الحديث حكاماً افسدهم تدليل الشعب، فنحن شعب احترف صناعة الآلهة منذ محمد علي الذي تولى حكم مصر بالشعب، وأمن له الشعب وجوده بالسلطة، وسرعان ما انقلب على كبار الشعب واعتقلهم ونفاهم، وإن قفزنا لناصر فقد نال تأييداً شعبياً جارفاً بعد العدوان الثلاثي وتأميم القناة وبناء السد العالي فأفسده واعتقل وتم التنكيل بمعارضيه بعلمه أو بغير علمه، فكلتهما كارثة. والسادات الذي نال أكبر حشد شعبي بعد حرب أكتوبر ومن قبلها ثورة التصحيح إلا أنه سرعان ما استحال لديكتاتوراً يعتقل معارضيه في قراراً خاطئ ينكره عليه أقرب الناس إليه للآن فرغم قراراته السياسية الرائعة والتي اتفق معه فيها إلا إنه أساء لنفسه في خاتمته أكثر من بداياته. وهكذا مبارك فمن يخلتف في أن مبارك في بواكير حكمه غير مبارك في نهاياته، وها هم زعماء مصر يكسبون الشعب في البداية ثم يخسرونه في النهاية.
 
أنا لست قلقاً على شعب مصر فمن ازال مبارك والإخوان قادر أن يزيل أعتاهم ديكتاتورية ولكن قلقاً بالأكثر على الرجل الذي صار رمزاً للكثيرين من شعب مصر من هول التأييد وزيادته عن حده رغم أنني أثق في أنه رجل شبعان ولا تؤثر فيه ما يفعله له شعب مصر ولن يؤثر به تأييد أو سلطات، ولذلك أترك قلقي يكتب لكم هذا المقال، أطلب منكم من خلاله أن تدعوا له بألا تفسده السلطة، وتسيء له، وأن يقه الله شر الديكتاتورية والتحول لإله ليس لمصر فقط وإنما أيضاً له.
المختصر المفيد السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.