من الغريب أن يظل الإنسان عاشقا للموسيقى الحزينة دون معرفة السبب والدافع وراء هذه الشهوة الموسيقية، خاصة إذا كانت هذه الموسيقى تحسن مزاج كثيرين من الناس بشكل ملحوظ، وهذه العادة على غير المنطق الذي يقول أن الموسيقى السعيدة تحسن من المزاج، ولكن على ما يبدو أن النقيض هو الذي يحدث، فهناك غالبية من الناس يحتفظون بداخل هواتفهم بقوائم موسيقى حزينة للاستمتاع بها من وقت لأخر، فما السبب في ذلك؟.

يرى كثير من الناس المتعة الخاصة بهم في الموسيقى الحزينة، لاعتقادهم بأنها تجعلهم يشعرون بالغير، وأن الغير يعاني من هذه المشاعر والأحاسيس، فيُعتقد أن الاستماع إلى الموسيقى الحزينة يُسهّل من التنفيس عن المشاعر السلبية، و بعبارةٍ أخرى، تسمح هذه الألحان للمستمعين بإظهار مشاعرهم السلبية وتنفيسها، ما يُقلل من التوتر والإجهاد.

فعلى الرغم من أن الموسيقى السعيدة هي الحل المنطقي للتخلص من الحزن والكآبة، إلا أن هناك من يرى العكس، ولقد فسر علماء النفس الأمر بنفس المنطق السابق، ففي الوقت الذي تبدو فيه الموسيقى الحزينة كشخصٍ يتعاطف مع تجربتك السلبية، تبدو الألحان السعيدة كأنها تطلب منك أن تبتسم بينما أنت في قمة ألمك وضيقك.

خاصة وأن هناك كثيرين من الناس يستمعون إلى هذه الموسيقى حتى وهم ليسوا حزانى، وهم في مزاج معتدل، وهنا فسرت الدراسات هذا الأمر بأن الموسيقى الحزينة تُثير مجموعة من المشاعر الجمالية الإيجابية، وأن من يستمعون إليها يستمتعون بالإثارة العاطفية التي تُثيرها الموسيقى الحزينة.

هرمون البرولاكتين

أوضح العلماء سببًا آخر يرتبط بالجسم من الداخل، وهو أن الاستماع إلى ألحان حزينة وإثارة مشاعر الحزن يُحفّز إفراز هرمون البرولاكتين.

إضافةً إلى كونه الهرمون المُحفّز لإنتاج الحليب لدى الإناث، لكنه كذلك مرتبط بتأثيرات نفسية مختلفة.
هذا الهرمون يتم إفرازه عند الذكور والإناث مستجيبا لمشاعر الحزن، وكذلك له تأثير مسكّن ويُقلل من آثار الإجهاد، ما يمنع حالة الحزن من التطوّر بشكلٍ لا يُمكن السيطرة عليه.

فبعض الدراسات تشير إلى أن الاستماع للموسيقى الحزينة تعتبر وسيلة لخداع الدماغ للاعتقاد بسوء الحالة النفسية، ما يرفع من هرمون البرولاكتين في الدم لتحسين الحالة المزاجية، الأمر الذي يؤدي إلى حالة من المتعة الملحوظة.
الواقعية الاكتئابية

يظن البعض بأن الموسيقى الحزينة تسبب حالة من التفكير العميق، وذلك عرفه علماء النفس بالواقعية الاكتائبية، ويقصد بها الشخص الأكثر إدراكا للواقع عن غيره عندما يسيطر عليه الحزن.