مدحت بشاي
«نحن نقدم أحسن كفتة فى العالم، ولكن الأطفال والكبار يقبلون على شراء «ماكدونالدز» التى تقل فى مواصفاتها عن كفتة أى حاتى مصرى، لأننا توقفنا عن إنتاج السلعة بشكل تنافسى، ولم نضعها فى نسق فيه جو خاص، وموسيقى، وألوان، وفروع فى كل مكان... «هكذا شخص» د. صبرى الشبراوى «عالم وخبير الإدارة المصرى الشهير شكل تعاملنا مع ما نملك من خبرات وإمكانات وأدوات داعمة للوجود وتحقيق التقدم الاقتصادى...

إذا لم ننتج القلم الرصاص، والممحاة، ومعجون الأسنان، والسيارة، وجهاز التليفزيون بمواصفات عالمية، فسوف تدخل إلينا السلع الأجنبية، ونصبح فى وضع من يملى عليه!

لابد أن يبادر البعض فى أى مجتمع ينشد التقدم والرفعة لإيقاظ الناس، وإزعاجهم، وإفاقتهم، وتعليمهم عدم الركون إلى خدر النعاس اللذيذ فى الظلال الوارفة لما هو (سائد)، و(تقليدى)، و(ممكن)..

ولا شك أن وظيفة المنورين المتنورين، هى أن يمثلوا الصدمة اللازمة للإفاقة، ودفع المجتمع لتلبية نداء الحلم القومى بتحقيق الانطلاقة..

ولن تحدث تلك الإفاقة إلا بالإيمان بضرورة الاستثمار فى البشر، وأن الوقت قد جاء لتحل (ثقافة المشاركة) محل (ثقافة المشاهدة) وتحل (ثقافة الحياة) محل (ثقافة الأدب)!

الدنيا تتغير.. بشكل درامى مثير. ولا يوجد الآن من يلعب دورًا واحدًا، أو يحصر نفسه فكريًا وثقافيًا واقتصاديًا فى تجمع واحد. ونحن فى مصر لابد أن نكون مع التجمع العربى، ومع التجمع الأوروبى، ومع تجمع الشرق الأوسط، ضمن عملية تبادلية مع كل طرف، تحكمها حسابات جيدة فى عالم يكشف بعضه بعضًا تمامًا، إذ يظل العنصر الحاكم فى هذا الوضع هو القوة الذاتية، التى تحدد قوتنا فى العالم، بحيث كلما قلت هذه القوة أصبحنا تحت تأثير الغير، وكلما زادت هذه القوة أصبحنا أكثر استقلالية، وأكثر تأثيرًا فى الآخر، وما يصدق طبقًا لهذه المعادلة على (مصر والعالم) يصدق على (مصر وأى من التجمعات التى تكون طرفًا فيها)

ويؤكد د. الشبراوى أن مصر من أغنى بلاد العالم، إذا اعتمدت استراتيجية بناء ترتبط بمفاهيم ومحددات عملية، وليس بأفكار تنظيرية وفلسفية، وأمامنا أمثلة جلية لبلاد فقيرة أصبحت غنية فى آسيا وغيرها، حين استخدمت أدوات معروفة تعالج أوضاعًا عملية، ولا تغرق فى بحر الفلسفة. مصر لديها إمكانيات بشرية رهيبة، ليس فقط فى الداخل، ولكن فى الخارج أيضًا، وهؤلاء المصريون فى الخارج يعرفهم العالم بوصفهم مهنيين يبعثون على الفخر، وعقول تبعث على الاحترام، وهم لم يتغربوا، ولكنهم غُربوا (بضم الغين)، ولم يهاجروا، ولكن هُجروا (بضم الهاء)، وهم جميعًا يمثلون قوة مصر التنافسية.

حول الاقتراب للمزيد من أطروحات وفكر عالمنا الكبير د. صبرى الشبراوى للمقال أجزاء أخرى.

medhatbeshay9@gmail.com

نقلا عن الوفد