سليمان شفيق

تقسيم المسيحيين:
امتدادا لحالة الاستهداف التي أشار إليها القس يحي عبدالرحيم ـ في المقال السابق ـ ، استغلت وزارة الارشاد الخلافات الناشبة بين بعض الأطراف الكنيسة وقامت بتدخل سافر قضي بإيقاف جميع الهيئات المنتخبة من قبل أتباع الكنيسة، وعينت لجنة ادارية مؤقتة موالية لوزارة الارشاد، الامر الذي فاقم من الخلافات وزاد من تفتيت وحدة أتباع الكنيسة الإنجيلية الى ان وصل الامر الى حد الصراع والاقتتال

وبدأت فصول الصراع الداخلي في الظهور في أعقاب انفصال جنوب السودان الأمر الذي إستدعى إعادة هيكلة الكنيسة ومؤسساتها نظراً لفقدان بعض خدامها المنتمين لجنوب السودان لجنسيتهم السودانية وهو ما أسقط عنهم عضوية مجلس الطائفة الإنجيلية ولجنتها التنفيذية وفقاً لما ينص عليه قانون مجلس الطائفة لسنة 1995م بجانب القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء في يونيو 2011م الذي يلزم جميع المؤسسات العامة والتي تعتبر الكنيسة من ضمنها بتوفيق أوضاعها واستبعاد مواطني جنوب السودان منها

توافقت جميع أطراف الكنيسة على إقامة الجمعيات العمومية في أبريل 2012م والتي أقيمت بمشاركة ورضى جميع الأطراف وبحضور مندوبي إدارة شؤون الكنائس الذين اقتصر دورهم على الإشراف فقط وتم تكوين وانتخاب جميع اللجان التنفيذية بقيادة القس يحيى عبد الرحيم و مجمع مشيخة السودان الإنجيلي بقيادة القس/ داؤود فضل ومجلس الطائفة بقيادة المهندس/ رافت سمير مسعد.

هذا التكوين لم يرض البعض داخل الأوساط الكنسية نفسها الذين توجهوا لوزارة الإرشاد والأوقاف – وهي الوزارة المعنية بتنظيم أنشطة المجموعات الدينية المختلفة وأملاكها في السودان- التي أصدرت بدورها قرارا إداريا في 28 أبريل 2013م بتكوين لجنة وساطة لطي الخلافات بين الطرفين بمهام محددة

إلا أن رئيس تلك اللجنة أدلى بحديث مستفز في أحد الإجتماعات أشار فيه لوضع لجنة الوساطة يدها على جميع أملاك الكنيسة الإنجيلية بسبب عدم تمكن الطرفين من تجاوز خلافاتهما، وهو ما تسبب في فض إجتماعات اللجنة ومقاطعتها من قبل اللجنة المنتخبة شرعيا.  واستمر رئيس لجنة الوساطة المعينة من قبل الوزارة في تنفيذ المخطط مصدرا قرارا – دون علم الكنيسة واللجنة الشرعية- قضى بحل جميع الهيئات المنتخبة في كل أنحاء البلاد، وتلاه بتعيين لجنة مؤقتة لإدارة الكنيسة الإنجيلية. واستكمالا لفصول ذلك التدخل من قبل وزارة الإرشاد أصدرت الوزارة خطاباً لمدير الشرطة بولاية الخرطوم بمعاونة اللجنة المؤقتة قضي بإستلام المكاتب حيث تم ذلك بكسر أقفال الأبواب، دون وجود حكم قضائي، وفقا لمصادر كنسية متطابقة

بيع الكنائس للمستثمرين
 وكنتيجة عملية لنجاح المخطط بحل اللجنة المنتخبة والسيطرة على ممتلكات الكنيسة ،بدأت وزارة الإرشاد واللجنة الموالية لها في بيع ممتلكات الكنيسة وابرام اتفاقيات مع المستثمرين، بل وحاولت الاستيلاء على الممتلكات بقوة الدولة. وفي هذا السياق يقول القس يحيى عبدالرحيم أن وزارة الإرشاد واللجنة المعينة استغلوا تلك الأوضاع وقاموا ببدء تنفيذ مخططهم في بيع الكنائس للمستثمرين رغم وجود العديد من القضايا أمام المحاكم في ظل تجاوزات عديدة من قبل اللجنة المؤقتة- المعينة من قبل الوزارة- ورفض مستمر من قبل اللجنة “المنتخبة”. ويشدد

عبدالرحيم أن وزارة الإرشاد صممت على التعامل مع اللجنة المؤقتة رغم صدور قرار من المحكمة الإدارية بعدم شرعيتها في مارس 2014

ويمضي القس عبدالرحيم في حديثه لـ (عاين) مبينا ان “وزارة الإرشاد ضربت عرض الحائط بقرار المحكمة، إذ قام أعضاء اللجنة الثلاثية باقتحام مقر الكنيسة الإنجيلية ببحري مدعومين بقوة كبيرة من الشرطة بغرض تسليمها للمستثمر “هشام حمد النيل” الذي قام بإبرام تعاقد مع اللجنة المؤقتة في ظروف مشبوهة بالنسبة للجنة المنتخبة".

صفقات مشبوه
وواصلت اللجنة المؤقتة – حسب القس عبدالرحيم- في مخططها المشترك مع وزارة الإرشاد في الاستيلاء على منشآت الكنيسة الإنجيلية واحدة تلو الأخرى، إذ تم توقيع عدد من العقود لبيع وايجار منشآت الكنيسة في بحري وامدرمان ومدينة ودمدني مع عدد من المستثمرين. ويقول عبدالرحيم أن اللجنة المؤقتة قامت في يوليو 2013م بتوقيع عدة عقود تخص منشآت الكنيسة الإنجيلية ببحري مع عدد من المستثمرين وهم هشام حمد النيل وزكريا محمد عبد الله بجانب مستثمرين اخرين هما خالد ونجيب بغرض إنشاء محلات تجارية في تلك المساحات المستغلة. ونتج عن إبرام تلك العقود هدم الجهة الغربية للمعبد نهائياً وقفل الكنيسة من الجهتين الجنوبية والشمالية وشمولها حتى للمساحة الخاصة ببيت الراعى

ويروي عبد الرحيم في حديث لـ (عاين) ان المستثمر هشام حمد النيل حصل على ثلاث عقود مع اللجنة بغرض استثمار جزء من أراضي ثلاثة مدارس تتبع للكنيسة الإنجيلية في كل من بحري وأم درمان ومدني، وبدأ خطوات تنفيذ تلك العقود بمدرسة بحري حيث تمت مقاومة الأمر لكن في نهاية الأمر تم طرد مديرة المدرسة بعد تدخل الأجهزة الأمنية وسُلمت المدرسة للمستثمر بواسطة اللجنة المعينة من قبل وزارة الإرشاد. ويواصل مضيفا:”انتقلت بعدها اللجنة المؤقتة والمستثمر لمدينة ود مدني-عاصمة ولاية الجزيرة- بغرض السيطرة على مدرستها، إلا أن المحكمة رفضت تسليمها لهم، فقرروا الإستيلاء على مدرسة امدرمان، الأمر الذي نتج عنه المواجهات التي قادت إلى مقتل العم يونان كامبو”.

ويشكك القس عبدالرحيم في طبيعة العقود الموقعة بين اللجنة المؤقتة والمستثمرين، مبينا:”بالنسبة لنا فإن طبيعة هذه الاستثمار المبرم في تلك العقود الخاص بأجزاء من أراضي مدارسنا الثلاثة في كل من بحري وأم درمان ومدني مجهول … ولذلك حينما جاء الدور على مدرسة أمدرمان قاومنا واعتصمنا”، وأضاف:” بالنسبة لي فإن المجموعة المعينة من قبل وزارة الإرشاد تقع ضمن المخطط الخاص لإختراق الكنيسة بغرض الإستيلاء على أملاكها