لم تكن سياسية فقط، ولكن دينية وثقافية، هكذا جمعت العلاقات بين مصر وإثيوبيا على مدار التاريخ، فدائما التعاون فى الملفات الشائكة بين البلدين، لم ينتج عنها إلا رسالة واحدة تؤكد للعالم كله أن القاهرة وأديس أبابا هم أشقاء، وأن التعاون الإيجابي فى تلك القضية سيتم استنادا لهذا العمق التاريخي في العلاقات بين البلدين.

 
نجحت الطبيعة والجغرافيا في نسج علاقات وثيقة بين مصر وإثيوبيا، وخاصة فى ظل سعى الدولتين لتحقيق على الخير لكافة الشعوب، الأمر الذي اتضح جليا فى عمق العلاقات وجسور الحوار المستمرة وتبادل الرأي بينهما، فعلى المستوى الديني هناك علاقات دينية قوية بين كنيسة الإسكندرية المصرية وكنيسة أثيوبيا منذ اعتنقت أثيوبيا المسيحية، فأساقفة إثيوبيا كانوا يأتون ويُرسمون من كنيسة الإسكندرية حتى نهاية خمسينيات القرن العشرين.
 
كذلك هناك الروابط الوثيقة التي تربط بين مسلمي أثيوبيا والجامع الأزهر الشريف حيث أن هناك رواقًا خاصًا يضم الطلبة الإثيوبيين يسمى برواق الجبرتي ، والذي نبع منه جهابذة العلماء ومنهم المؤرخ الكبير الشيخ عبد الرحمن الجبرتي صاحب كتاب التاريخ المشهور.
 
زيارات متبادلة
في ديسمبر 2014 قام وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبية بزيارة مصر وترأس الوفد رئيس البرلمان الإثيوبي، وضم 65 من الشخصيات العامة الإثيوبية التي تنتمي إلى مجالات مختلفة مثل الثقافة والتجارة والسياسة والفن والصحافة وغيرها، والتقى الوفد خلال الزيارة برئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس الثاني.
 
أما فى يناير 2015 زار الأنبا ماتياس بطريك إثيوبيا مصر، والتقى خلال الزيارة، الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء والبابا تواضروس الثاني وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وقام خلالها بزيارة للإسكندرية وعدد من الأديرة والكنائس في القاهرة.
 
زيارات الرئيس السيسي 
أجرى الرئيس السيسي زيارة ثنائية إلى أديس أبابا خلال الفترة في مارس 2015، وهى الأولى على الصعيد الثنائي منذ 30 عامًا، والتى تم خلالها عقد عددًا من اللقاءات مع كل من الرئيس الإثيوبي ورئيس الوزراء وبطريرك أثيوبيا ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ووفد الدبلوماسية الشعبية الأثيوبي ، وعدد من رجال الأعمال من البلدين وتم الإعلان خلال الزيارة عن رفع مستوى اللجنة الثنائية المشتركة لتصبح لجنة مشتركة عليا برئاسة السيد الرئيس ورئيس وزراء ، فضلًا عن قيام السيد الرئيس بإلقاء كلمة أمام البرلمان الإثيوبي بمجلسيه.
 
وفى نفس العام أجرى رئيس الوزراء الإثيوبي زيارة لمصر في أغسطس 2015 للمشاركة في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة.
 
الاقتصاد
دائما يكون الاقتصاد مرآة تعكس السياسة، فكل تطور اقتصادي تشهده علاقة بلدين لا بد من أن يؤثر في واقع العلاقات السياسية، فكل منهما يخدم الآخر سلبًا وإيجابًا حيث تجمع مصر وأثيوبيا علاقات متميزة على المستوى الاقتصادي حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 140 مليون دولار عام 2014، بإجمالي صادرات مصرية يقدر بحوالي 88 مليون دولار، وواردات مصرية بحوالي 52 مليون دولار.
 
كما تقدر الاستثمارات المصرية في إثيوبيا بحوالي 2 مليار دولار، كما تم تنظيم عدة زيارات لما يزيد عن 150 من ممثلي قطاع الأعمال في مصر إلى إثيوبيا خلال الأعوام الماضية.
 
المنح
تقدم مصر من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية العديد من الدورات والمنح التدريبية إلى إثيوبيا في مجالات متنوعة، فضلًا عن عدد آخر من المنح التي تقدمها الوزارات والجهات المصرية المختلفة بالتنسيق مع وزارة الخارجية ، ومن بينها وزارتي الكهرباء، والموارد المائية والري.
 
كما تقوم الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بإيفاد قوافل طبية من مصر إلى إثيوبيا بشكل منتظم، كما تم افتتاح وحدة مصرية/أثيوبية لمناظير الجهاز الهضمي وأمراض الكبد في أديس أبابا، ووحدة أخرى في مدينة بحر دار، بالإضافة إلى وحدة جديدة للغسيل الكلوي وجراحات المسالك البولية في أديس أبابا.
 
كما تم افتتاح المركز المصري الإثيوبي لأمراض الكلى والغسيل الكلوي في أغسطس 2013 بمشاركة وزير الصحة الإثيوبي ورئيس جامعة ومستشفى سان بول، وتضم الوحدة ست وحدات غسيل كلوي ووحدة لمعالجة المياه.
 
الرئيس السيسي وإثيوبيا
نجحت السياسة المصرية الجديدة التى وضعها الرئيس السيسى فى تحويل العلاقات المصرية الإثيوبية إلى علاقات تعاون وانتفاع، فى إطار التوجه الجديد نحو القارة الأفريقية و استعادة مصر لريادتها الأفريقية فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والصحية والعسكرية .
 
وترجم الرئيس السيسى تلك التوجهات المصرية الحكيمة خلال لقائه ورئيس الوزراء الإثيوبى هيلى ماريام ديسالين على هامش القمة الأفريقية التى عقدت فى مدينة مالابو بغينيا الاستوائية مقر انعقاد القمة الأفريقية، حيث أثمر اللقاء عن بيان للتعاون المشترك بين البلدين وكان هذا البيان يتضمن مجموعة من التعهدات كان أبرزها احترام مبادئ الحوار والتعاون كأساس لتحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار ببعضهم البعض، و أولوية إقامة مشروعات إقليمية لتنمية الموارد المالية لسد الطلب المتزايد على المياه ومواجهة نقص المياه.