هانى لبيب
رغم أهمية دوره، وعدم القدرة على الاستغناء عنه سوى بوجود رجال أمن وحراسة بتكلفة أكبر.. فلا أحد يهتم به، وبمشاكله وأزماته.

يعانى «البواب» من بعض المشكلات التى لا يشعر بها سواه، وهى تمثل معاناة حقيقية فى حياته اليومية، وعلى سبيل المثال: يسكن السواد الأعظم من البوابين تحت (بير السلم)، أى بجوار مواسير الصرف والبلاعات، ويترتب على ذلك وجودهم فى بيئة غير صحية، وكذلك عدم وجود مكان مناسب لنوم أطفالهم وعدم وجود خصوصية للأب والأم، بالإضافة إلى انطلاق الأطفال إلى الشارع فى غالبية ساعات النهار للعب والترفيه، وبالتالى قد يتحولون إلى جزء من ظاهرة أطفال الشوارع الخطيرة، أو قد يتعرضون لحوادث طرق، وعندما يلتحقون بالمدرسة لا يجدون المكان الملائم لاستذكار الدروس سوى على درجات السلالم بمدخل العمارة.. مما يعرضهم لسخرية غالبية أصحاب العمارة ونظرة بعض السكان المتعالية والمتنمرة، فضلاً عن بعض حالات التحرش بزوجته وبناته.

وعلى الرغم من أن المدارس التى يلتحق بها أبناء «البوابين» هى مدارس حكومية.. تضم جميع أبناء الطبقات المتوسطة أو الأقل من المتوسطة، فإنه يتم الحكم على أى طفل بأنه أحسن وأفضل من ابن البواب، رغم الانتماء للطبقة الاجتماعية نفسها، وهذا شكل من أشكال «التنمر» المباشر. وبالتالى، لا يجوز لابن البواب أن يتذمر أو يعترض على ما يتضرر منه داخل المدرسة، لأنه من وجهة نظر البعض بمن فيهم بعض المدرسين، ليس من حقه أن يعبر عن نفسه. وإذا حدثت أى مشادة بينه وبين أحد أقرانه فى المدرسة يعاقب، سواء كان ظالماً أو مظلوماً لمجرد أنه ابن البواب.

بناء على كل ما سبق، نجد أن هناك حالة من الشعور المستمر بعدم الاستقرار عند البوابين.. لأنه يعلم أن مصيره يقع تحت «رحمة» صاحب العمارة وعائلته من جانب، وتحت «رحمة» السكان من جانب آخر. فتارة نجد أحد السكان يتمسك بالبواب لأنه يقضى له متطلباته ويلبى احتياجاته، وتارة أخرى نجد أحد السكان لا يعجبه البواب، ويعامله بشكل سيئ وقد يصل الأمر إلى سبه بأفظع الشتائم والتعدى عليه، وطرده دون منحه أى مكافأة، ومن الأصل فهو غير مؤمن عليه، مع العلم أن البواب هو المتهم الأول فى أى مشكلة تحدث فى العمارة سواء كانت إهمالاً أو سرقة أو قتلاً.. لأنه الحلقة الأضعف التى يمكن للكل توجيه سهام الاتهام لها دون أى دفاع أو سند من أحد.

ليس هذا فقط، وإنما يضاف إليه عدم توافر رعاية صحية للبوابين وعائلاتهم واشتراط قيام البواب بكل شغل العمارة دون أن يكون له وقت محدد للراحة، والمطلوب منه دائماً أن يقوم بمهمة تنظيف وصيانة المكان، وشراء الطلبات، وقضاء الاحتياجات، دون أن يعترض، وكأنه ينتمى إلى العبيد ويعيش فى عصرهم، كما يتم الاستغناء عنه فى حالة مرضه دون مراعاة لظروفه التى تصل فى بعض الأحيان إلى عدم قدرته على شراء الدواء.

نقطة ومن أول السطر..
لا يزال «البواب» بشكله التقليدى له أهمية فى العديد من المنازل والأبراج السكنية، ولكنه لا يجد الاهتمام الكافى كمواطن مصرى له حقوق لدى المجتمع.
نقلا عن الوطن