كتب – روماني صبري
اعتقد انه لضرب من العدل أن يشهد العالم كل قرن احد هؤلاء المختلفون ، وسواء اتفقنا معهم أم اختلفنا ، وجب علينا الاعتراف بعبقريتهم ... عبقريتهم في فلسفة حياتهم وتجارب غيرهم من البشر الذين يعيشون معهم على كوكبنا المجنون ... في النهاية جميعنا يدرك أن العالم مليء بالمساكين ، نعم هؤلاء الفقراء الذين يتعرضون لضائقات مالية طوال الوقت ، فضلا عن تعرضهم للإهانات ، وفي إطار ذلك من الجميل الاستعانة بالفيلسوف "جان بول سارتر"، كبير الفلاسفة وإمامهم الذي عشق الوحدة وكره طفولته وكل شيء انتمى إليه.

الكلمات
كتب سارتر في مذكراته التي حملت عنوان (الكلمات)، والتي كتبها عندما بلغ الخمسين من العمر وفيها تحدث عن طفولته انه كان لا يكن الاحترام لوالديه وجديه ومجتمعهم البرجوازي الذي فرض عليه ، حيث كان مؤمنا بالماركسية وحقوق الفقراء ، وهو ما دفعه للتحدث عنهم في كتباته .


طفولة حزينة
ولد سارتر في باريس عام 1905م، وكان والده ضابطا في البحرية الفرنسية ، وعندما بلغ سارتر الـ 15 شهر توفي والده الذي كان أصيب بمرض في القولون خلال فترة خدمته في اندونيسيا ، تاركا زوجته "آن ماري" بائسة حزينة  بدون نقود او مهنة تكتسب منها قوت يومها ، ما جعلها تقرر الانتقال  إلى العاصمة الفرنسية باريس لتعيش في حماية والديها حتى تحصل على الطعام والمال، وتضمن حياة مرفهة لطفلها .

 ويذكر أن العام الذي شهد ولادة الفيلسوف سارتر ، شهد أيضا النظرية النسبية الخاصة لـ أينشتين التي ساوى فيها الطاقة بالكتلة في معادلته الشهيرة .

تضحية الجد
اضطر جده آنذاك وقتها للعمل في التدريس بعد تقاعده ، حتى ينفق على ابنته وطفلها الصغير ، أما الأم فكانت تعمل مدبرة منزل لوالديها تحت إشرافهم .

وكتب سارتر في مذكراته تعليقا على ذلك :" لم تكن والدتي ترفض المصروف اليومي ، إنما كان الجدان يتناسيا إعطائها أي مصروف جيب."

الدراسة
عندما انقضت الـ 15 عشر عاما الأولى من حياته ، ألحقه جده بمدرسة "هنري الرابع الثانوية"، وهناك التقى (بول نيزان ) الكاتب المبتدى وقتها حتى نشأت بينهم صداقه استمرت حتى وفاته في عام 1940.

عززت هذه الصداقة من تكوين شخصية سارتر ، الذي برع وقتها في مجال الفكاهة ، حتى انتمى للمدرسة الاشتراكية ، التي تنتقد كل شيء من اجل الدفاع عن الفقراء الكادحين .


سنوات المجد
دفع باسم سارتر إلى واجه المشهد الأدبي العالمي في عام 1945 ، وقتها سكن في 42 شارع بونابرت وظل هناك حتى 1962، وبعد التحرير، نجح سارتر نجاحا كبيرا فقد ظل لأكثر من 10 سنوات يقود الآداب الفرنسية.

في تلك الفترة انتشرت فلسفته وأفكاره عن الوجودية ، حيث كان ينشر كل أفكاره في المجلة التي أسسها عام 1945 تحت اسم " "Les Temps moderns" ، وفي هذه  المجلة كتب أعظم الأدباء وقتها مثل سيمون دي بوفوار ، وموريس ميرلو بونتي، وريمون آرون.

 الكاتب لا يعرف الحياد
وامن سارتر أن الكاتب لا ينبغي عليه أن يعرف الحياد ، بل وجب عليه التحدث عن الحياة كما هي في الواقع ، مليئة بالحروب والقلق والكادحين الذين يسعون لحياة منصفة ، الشهوات ، والأسئلة حول ماهيتها ولماذا خلقنا الله ؟!  .. وأقوال سارتر الشهيرة تكشف عن ذلك .

أقواله المأثورة
 الإنسان محكوم عليه أن يكونَ حرًا، لأنه ذات مرة أُلقي في العالم، وهو مسؤولٌ عن كل ما يفعل.
لا يمكنني أن أجعل الحرية هدفي ما لم يتساوَ الآخرون أمام هدفي.
 الإنسان مسؤول مسؤولية كاملة عن طبيعته واختياراته.
 الحرية هي ما تفعلُه مع ما تم فعله بك.
 الوجود هو، الوجود بحد ذاته، الوجود هو ما هو كائن.
 الجحيم هي الناس الآخرين.
الحياة تبدأ من اليأس.
 المعركة الخاسرة هي المعركة التي يعتقد المرء أنه خسرها.
 الوجودي يقول فورًا أن الإنسان هو الكرب.
 نحن لا نعرفُ ما نريد ونحن مسؤولون عما نحن عليه، وهذا هو الواقع.
 علينا أن نتصرف بعيدا عن العاطفة قبل أن نشعر بشيء.
ماذا يهمني من المشتري؟ العدالة هي قضية الإنسان، وليست في حاجة إلى إله لتدريسها.
 عندما يخوض  الأغنياء الحروب مع بعضهم البعض، الفقراء هم الذين يموتون.
أنا أكره الضحايا الذين يحترمون جَلاديهم.


فلسفته الوجودية
يقول سارتر عن مفهومه للوجود :" الوجود ليس إلا عبثا، والوجود الإنساني كله لا داعي له فهو مجرد سخف لا تلقى أي تفسير يقنعك بضرورته، واعتقد أن ما قاله سارتر دليل على ضعف الإنسان، ليس الكل هكذا نعم هذا ما يؤكده الواقع ، ولكن من الطبيعي أيضا إلا يتعامل الجميع مع تجاربهم بنفس كيفية الأقوياء، في النهاية علينا تقبل ذلك .

كتاباته

ومن أشهر مؤلفاته

 تعالي الأنا موجود)
التخيل.
الغثيان.
تخطيط لنظرية الانفعالات.
الخيالي.
الوجود والعدم.
الوجودية مذهب إنساني.
نقد العقل الجدلي.
موتي بلا قبور.
جلسة سريه.
الشك.

الرحيل
رحل إمام الفلاسفة في 15 أبريل عام 1980، عن عمر ناهز 75 عاما في مستشفى بباريس عقب إصابته بمرض في الرئة .