د. أبرام رضا 
هذا البحث قام به د. أبرام رضا (من طب المنيا) حول الإثبات الطبي لآية: "يَحْفَظُ جَمِيعَ عِظَامِهِ. وَاحِدٌ مِنْهَا لاَ يَنْكَسِرُ" (مز 34: 20)، وذلك باستخدام أكثر من مرجع (في نهاية هذه الصفحة)، وتم مراجعته من قبل القس أنطون فرج الله، كاهن كنيسة مخلص العالم، سمالوط، المنيا، مصر.
 
في كثير من صور السيد المسيح يوجد المسمار في راحة يد المسيح (الكف)، ما مدي صحة هذا؟
 
هل انكسر عظمة من عِظام السيد المسيح أم لا؟
 
ما هو السبب الطبي لموت السيد المسيح؟!
أقسام البحث:
 
مسمار الأيدي
 
مسمار الرجلين
 
طعنة الحربة
 
القصد من طريقة الصلب ودق المسامير والحربة، وطريقة موت السيد المسيح
 
الطريقة الصحيحة في التسمير علي الصليب Crucifixion التي كان يتبعها الرومان:
 
أولًا: مسمار الأيدي:-
النظرية الأولى (والمرفوضة):
- أنه تم الدَّق في راحة يد المسيح (كف اليد): فإن كان هذا صحيح، فكيف يتحمل كف اليد وعِظامه وزن شخص بالغ؟! لأن وزن جسمه سيعمل على سحبه لأسفل باتجاه الجاذبية، ومن ثَمَّ لن تستطيع يده أن تقاوم وزن جسمه، وستتمزق وينزلق من علي الصليب.
 
ولذلك هذه النظرية مرفوضة من البداية بالنسبة لمسمار اليد.
 
النظرية الثانية:
يتضح من صورة الكفن المقدس Shroud of Turin (كفن تورينو) -الموجود حاليًا في تورينو بإيطاليا- وحسب الأبحاث التي أجريت عليها أنه تم دق المسمار في (عِظام المِعصم) wrist bone، وليس في (راحة اليد) palm.
 
والآن السؤال: كيف تم دَقّ المسمار في عظام المعصم، ومع ذلك لم تنكسر أي عظمه؟! لأن هذا المكان يوجد به صفين من العِظام، كل صف يتكوَّن من 4 عظمات (إجمالي 8 عِظام في هذه المساحة الصغيرة).
 
من خلال علم التشريح نرى أن هذه المنطقة يوجد فراغ بين (عظام المعصم) carpal bone يطلق عليه (فراغ دستوت) Space of Destot، وهذا الفراغ الضيق موجود ومُحيط بـ4 عظمات (راجع صورة 1)، هم:
Hamate
 
Capitate
 
Triquetral
 
Lunate
 
فعِند دق المسمار في هذا الفراغ سيتم إزاحة الأربع عظمات المحيطة به، ويتسع الفراغ ليمر المسمار للناحية الأخرى، دون أن ينتج عنه أي كسور في العِظام (راجع صورة 2).  ليتم قول الكتاب: "يَحْفَظُ جَمِيعَ عِظَامِهِ. وَاحِدٌ مِنْهَا لا يَنْكَسِرُ" (المزامير 34: 20)؛ "لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ:«عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ»" (يوحنا 19: 36).
* والإثبات الثاني لدق المسمار في هذا الفراغ، أنه يمر تحت فراغ دستوت Space of Destot. عصب يُسَمَّى (العصب الأوسط) Median Nerve، وهو واحد من ثلاثة أعصاب مسئولين عن حركة الأصابع (وبالتحديد الإبهام) Thumb
 
. والمعروف أنه عند قطع أو تهتك هذا العصب ينتج حاله مرضية تُسَمَّى Median Nerve Injury؛ وهي أن الإبهام يختفي ويتم سحبه لاإراديًّا ناحية راحة اليد فلا يظهر (كأن صاحب اليد يخبئه للداخل ناحية بط كف اليد).  وإذا نظرنا إلى صورة الكفن سنلاحظ فعلًا أن الإبهام لا يظهر (راجع صورة رقم 3).
وكل هذا يثبت أن المسمار تم دقه في معصم اليد، وفي الفراغ الذي أشرنا إليه، وتمت نبوءة الكتاب المقدس.
 
ثانيًا: مسمار الرجلين:-
أما عن مسمار الرجلين، فتم وضع القدم الشمال فوق اليمين بزاوية بسيطة، وكانت تحت الرجلين خشبة مقطوعة بزاوية معينة، وكانت فكرة الخشبة أنها تُبْطِئ الموت فترة، فتطيل من عملية التعذيب، وتجعل مفاصل الركب knee joints بزاوية 45 درجة.  وتم دق مسمار واحد فيهما معًا، ووصل حتى خشبة الصليب نفسه، لأن طوله كان 18 سم تقريبًا. وتم دقّه في المسافة بين عظمتيّ 2nd and 3rd metatarsal bone.  وهي منطقة في عظم القدم (عظم مشط الرجل) (راجع صورة 4). 
 
وبهذا الوضع لن تتمكن عضلات الرجل من تأدية وظيفتها في رَفْع الجسم لأعلي ليأخذ الشهيق، وجعلت جسمه في وضع غير طبيعي.
ولم تُكْسَر أرجل المسيح كما حدث مع اللصين لأنه كان قد مات بالفعل قبل غروب الشمس (وتقريبًا عند الساعة الثالثة ظهرًا، وهي التي توافق التاسعة بالتوقيت اليهودي).
 
ثالثًا: طعنة الحربة:-
هي من أهم مهام قائد الفرقة للتأكد من وفاة المصلوب قبل مغادرة الجلجلة، وقد طُعِنَ بها المسيح وكذا اللصين المصلوبين معه لقتلهما. والطعنة كانت مدروسة جدًا بالنسبة لقائد الفرقة من الجنود الرومان، وكانت تشكل أهمية لديهم.  فلكي تصيب القلب مباشرة، كانت تدخل من الجهة اليمنى، بين الضلعين الخامس والسادس five intercostal space، دون أن تُسَبِّب كَسْر في الضلوع، فتصيب الأُذين الأيمن من القلب right atrium، وهو المكان الذي يكون ممتلئ بالدم في ذلك الوقت.
 
رابعًا: القصد من طريقة الصلب ودق المسامير والحربة، وطريقة موت السيد المسيح:-
 
بالنسبة لليدين، فعند تهتك Median Nerve -العصب الُمشار إليه بعاليه هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت- سوف يتسبَّب في ألم شديد وإحساس بآلام نارية علي طول الذراع، والتي تعمل بدورها علي فشل في وظيفة عضلات الذراع، والتي ازدادت سوءًا بعد أن حدث خلع في مفصل الكتف بعد فترة قصيرة من تعليق المسيح علي الصليب. وتبعه أيضًا خلع في مفصل الكوع، ومفصل المعصم فازداد طول الزراع تقريبًا (9 بوصة).  وبذلك تحقق قول الكتاب أيضًا: "كَالْمَاءِ انْسَكَبْتُ. وانْفَصَلَتْ كُلُّ عِظَامِي. صَارَ قَلْبِي كَالشَّمْعِ. قَدْ ذَابَ فِي وَسَطِ أَمْعَائِي" (مز 22: 14).
 
وبعد فصل تلك المفاصل الثلاثة تفشل عضلات الذراع في قدرتها علي رفع وزن الجسد ليستطيع أن يأخذ نَفَسه. واقتصرت عملية التنفس علي العضلات الصدرية Pectoralis Major، والتي كان يتطلب منها في ذلك الوقت رفع الجسد لمسافة 12 بوصة تقريبًا ليتمكن المصلوب من التنفس، فازدادت فيزيد الألم أضعاف..  وبالإضافة لوضع الرجلين بزاوية 45 درجة، وهي بدورها جعلت عضلات الفخذ لا تستطيع حَمْل الجسم. والمقصود من تلك الزاوية أن يعاني المصلوب آلام متعددة ومتنوعة، منها آلام الاختناق ونقص شديد في نسبه الأكسجين في الدم Hypoxia فيزداد معدل ضربات قلب المصلوب.
 
ليعوض النقص في كمية الأكسجين حتى تصل لـ220 انقباضه للقلب في الدقيقة الواحدة tachycardia (الإنسان الطبيعي قلبه ينبض 60 نبضة في الدقيقة).  ولينتهي المسار بتجمع الدم حول الغشاء المحاوط للقلب، وهو غشاء التامور pericardium، والذي يؤدي إلى زيادة في الضغط الواقع علي القلب، فينتج عن كل ما سبق انفجار في عضلة القلب Myocardial rupture مُحْدِثًا الوفاة (صورة 5).