دعوة للرفض وتحذير من انتهاك القانون الدولي والدستور العراقي

حذرت منظمة حقوقية دولية من خطة عراقية تستهدف اعتقال 280 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال يُزعم انهم من اقارب عناصر تنظيم داعش داعية إلى رفضها باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.

ودعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الحكومة العراقية إلى رفض خطة من شأنها أن تحتجز بشكل غير قانوني العائلات التي يُتصور انتماؤها لتنظيم داعش، موضحة انه في أوائل 2019، قدمت "لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية" في العراق إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي اقتراحا يدعو إلى اعتقال ما يصل إلى 280 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال.

عقاب جماعي ينتهك القانون الدولي
وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش ان "اقتراح الحكومة العراقية بحبس عائلات أعضاء داعش لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يتعارض مع هدف الحكومة المُعلن المُتمثل في تحقيق المصالحة بين السكان ما بعد داعش، فاحتجاز العائلات غير المتهمة بارتكاب أي جرائم هو شكل من أشكال العقاب الجماعي الذي يغذي النقمة ويعلّق حياة الآلاف من الناس إلى ما لا نهاية".

وأكدت المنظمة انه في اجتماع عُقد في 7 أبريل الماضي اطلعها رئيس اللجنة، الدكتور محمد سلمان السعدي، على الخطوط العريضة للخطة، وقال إنها ستؤثر على جميع الأزواج والأطفال والإخوة والأخوات والآباء والأمهات لأعضاء داعش المزعومين، سواء كان العضو قد مات أو اختفى أو قيد الاحتجاز.

مخاوف
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش انها اكدت مخاوفها من الاقتراح في رسالتين إلى عبد المهدي والرئيس العراقي برهم صالح في أواخر الشهر الماضي.

وقال مسؤولو وزارة الداخلية للمنظمة "إن الخطة ستؤثر على نحو 250 ألف شخص، حيث تعتقد المنظمات الإنسانية أن هناك 31 ألف عراقي آخرين في مخيمات اللاجئين والنازحين في شمال شرق سوريا ستعيدهم الحكومة العراقية إلى ديارهم.

شكوك
وأشار مسؤولون حكوميون إلى إنهم يشكّون في أن العديد من هذه العائلات العائدة قد يكون مرتبطا بداعش.

وقال السعدي إنه بمجرد التثبت من الأرقام، ستقوم "وزارة الهجرة والمهجرين" ببناء أو تحويل مجمعات سكنية خارج المدن لإيواء العائلات وسيتم تزويد العائلات إما بمساكن ثابتة أو منازل مصنعة من حاويات نقل، وليس بخيَم. وأوضح إنه لن يُسمح للأشخاص الذين يعيشون هناك بالمغادرة إلا في ظروف محددة، بما في ذلك الذهاب إلى المستشفى أو إلى المحكمة.

وبموجب الاقتراح، سيوفّر "ديوان الوقف السني"، وهيئة دينية حكومية، برامج إلزامية لإزالة التطرف. كما ستقدم "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية" التدريب المهني للبالغين، ولكن دون وجود فرص عمل داخل المجمعات. ستوفر وزارة التعليم المدارس، وستقوم وزارة الصحة بإنشاء عيادات بالداخل. قال السعدي إنه يرى دورا للمجموعات المحلية لدعم البرامج للعائلات.

مجمعات تحرسها قوات الامن
وبين السعدي أن قوات الأمن العراقية ستحرس المجمعات ولكن لن يُسمح لها بالدخول، ليعالج بذلك مشكلة مستمرة في مخيمات النازحين في العراق. داخل المجمع، توفّر مديرية الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية إنفاذ القانون، من خلال عناصرها الإناث في المقام الأول. لكن رئيس مديرية الشرطة المجتمعية في بغداد، خالد المهنا قال للمنظمة إن وحدته تضم حاليا 752 عنصرا في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك حوالي 20 امرأة فقط.

وتتفاوض لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية بعد ذلك حول عودة العائلات المعتقلة إلى مناطقها الأصلية وستسمح لها السلطات بالعودة إلى ديارها فقط بعد التوصل إلى اتفاق مع المجتمعات المحلية، وإكمال العائلات المعتقلة برامج إزالة التطرف.

ولم يحدد السعدي إطارا زمنيا، وقال إن العائلات لن تتلقى وثائق دائمة إلا بعد منحها موافقة على مغادرة المجمع.

انتهاك لالتزامات العراق
واعتبرت هيومن رايتس ووتش إن اقتراح الحكومة، إذا تم تنفيذه، سوف ينتهك التزامات العراق بموجب القانون الدولي،+ ففي سياق نزاع مسلح غير دولي، كما هو الحال في العراق، يستمر تطبيق "القانون الدولي لحقوق الإنسان".

وأوضحت ان القانون الدولي لحقوق الإنسان يحظر الاحتجاز التعسفي ويتطلب مثول الأشخاص المحتجزين فورا أمام قاضٍ وتوجيه تهم إليهم بارتكاب جريمة جنائية أو إطلاق سراحهم. كما يجب أن يتم أي حرمان من الحرية وفقا لقانون " متاح ومفهوم وغـير رجعي ومطبق بطريقة متسقة وقابلة للتنبؤ"، وأن يسمح للمحتجزين بالحصول على مراجعة قضائية لاحتجازهم ويُعتبر أي احتجاز يفتقر إلى هذا الأساس القانوني غير قانوني وتعسفيا.

القانون يعاقب مرتكبي الجرائم فقط
واضافت المنظمة ان القانون الدولي لحقوق الإنسان و"القانون الإنساني الدولي" يسمح بمعاقبة الأشخاص الذين ثبتت مسؤوليتهم عن الجرائم فقط بعد محاكمة عادلة لتحديد الذنب الفردي.

وقالت إن فرض عقوبة جماعية على العائلات أو القرى أو المجتمعات المحلية ينتهك قوانين الحرب ويرقى إلى جريمة حرب. وبالمثل، يُعتبر الأمر بالتشريد القسري للمدنيين لأسباب مرتبطة بالنزاع، لا تتعلق بالأسباب العسكرية القاهرة أو لحمايتهم، جريمة حرب، كما انه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا يجوز احتجاز الأطفال إلا كتدبير أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة.

انتهاك للدستور العراقي وتوقعات بالطعن
وحذرت المنظمة من إن الخطة قد تنتهك أيضا القانون العراقي حيث ينص دستور العراق على حق كل عراقي في حرية التنقل والسفر والإقامة داخل العراق وخارجه. وأوضحت هيومن رايتس ووتش انها لاتعرف بوجود أي قوانين تسمح للحكومة بإلغاء تلك الحقوق وحبس الأشخاص غير المتهمين بارتكاب جريمة. وقال قاضيان كبيران في بغداد انه يمكن الطعن في الاقتراح بسهولة في المحكمة.

وفي الختام، قالت فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش إن "الحكومة العراقية تسعى لتوفير السلامة لجميع المواطنين العراقيين لكنها بحاجة إلى إيجاد طريقة للقيام بذلك دون إثقال كاهل النساء والأطفال الذين لم يرتكبوا أي جرائم ظلما".