يبدو أن التهديدات التي أطلقها رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، قبل أسابيع، والتي كانت موجهة لمجموعة تجري "اجتماعات مشبوهة"، لم تكن كافية لردع محاولاتها لعرقلة العملية الانتقالية، ليعود ويضرب بيد من حديد، الثلاثاء، معلنا "الإنذار الأخير" لرئيس الاستخبارات السابق "الجنرال توفيق".. فما الذي حدث، وما هي طبيعة هذه "الاجتماعات المشبوهة"؟.

وبدأت تهديدات قايد صالح في الثلاثين من مارس الماضي، عندما تحدث عن اجتماع مشبوه عُقد في ذات اليوم، قائلا: "عقد اجتماع من طرف أشخاص معروفين، سيتم الكشف عن هويتهم في الوقت المناسب، من أجل شن حملة إعلامية شرسة في مختلف وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ضد الجيش الوطني الشعبي، وإيهام الرأي العام بأن الشعب الجزائري يرفض تطبيق المادة 102 من الدستور".

 
ولم يكشف رئيس أركان الجيش الجزائري، حينها مزيدا من المعلومات عن طبيعة هذا الاجتماع أو الأطراف التي شاركت فيه، مكتفيا بتوجيه تهديد لهم، إلا أنه عاد، الثلاثاء، وكشف عن الشخص المسؤول على تنظيم هذه الاجتماعات، متوعدا باتخاذ إجراءات قانونية "صارمة" ضده في حال "استمر بهذه التصرفات".
 
وكان تهديد قايد صالح موجها إلى رئيس دائرة الاستعلام والأمن السابق (المخابرات الجزائرية)، محمد مدين، المعروف باسم "الجنرال توفيق".
 
وتولى الجنرال توفيق رئاسة المخابرات عام 1992، لمدة 25 عاما، أي أنه بقي في منصبه لمدة أطول من فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي تولى رئاسة البلاد عام 1999.
 
وبالرغم من أن الجنرال توفيق (80 عاما)، أقيل من منصبه على يد بوتفليقة، في سبتمبر 2015، فإنه لعب دورا مهما طيلة السنوات الماضية، باعتباره أحد رجال بوتفليقة الأقوياء.
 
خفايا "الاجتماع المشبوه"
وللكشف عن "خفايا الاجتماع المشبوه" وما دار فيه، تحدث العقيد المتقاعد في الجيش الجزائري، العربي شريف، لموقع "سكاي نيوز عربية"، موضحا أن أطرافا جزائرية مهمة شاركت فيه.
 
وقال: "قايد صالح وجه حديثه إلى الرئيس السابق للمخابرات، الذي تواصل مع شقيق الرئيس السابق، سعيد بوتفليقة، في محاولة للالتفاف على مطالب الشعب وترتيب مرحلة انتقالية تناسب مصالحهم".
 
وأضاف: "كانوا يبحثون عن مخرج لهم، لتفادي تحقيق مطالب الجزائريين برفض العهدة الخامسة لبوتفليقة، وتفادي الذهاب لانتخابات نزيهة".
 
وأوضح شريف أن الجنرال توفيق وسعيد بوتفليقة وجّها دعوة للرئيس الجزائري، اليمين زروال (الرئيس السادس للجزائر)، لحضور اجتماع "من أجل مناقشة مرحلة انتقالية"، وهو ما حدث بالفعل، إلا أن زروال رفض المقترح الذي تقدما به.
 
وعقب ذلك، واجه قايد صالح، الجنرال توفيق، بحقيقة الاجتماع، إلا أن الأخير أنكر مشاركته فيه، ولكن بعدها قام الجيش بمواجهته بالصور والأدلة، إلى جانب تأكيد زروال أنه حضر الاجتماع بالفعل ورفض ما جاء فيه، بحسب شريف.
 
وتابع: "هذا هو ما وضع الجنرال توفيق في حرج كبير، لأن كل ما عمله في السر خرج للعلن، وظهرت محاولته لتطبيق مرحلة انتقالية يكون سعيد بوتفليقة حجر أساس فيها، وهو أمر مرفوض تماما، خاصة وأن شبهات الفساد وتهريب الأموال تحيط به".
 
وعن السبب الذي دفع قايد صالح لتوجيه تهديد جديد مرة أخرى للجنرال توفيق، أوضح شريف أن الأخير "عاد وأجرى اجتماعات أخرى بعد الاجتماع الفاشل مع زروال".
 
وأشار إلى أن: "الجنرال أجرى اجتماعات جديدة مع أطراف وأحزاب أخرى للبحث عن مخرج آخر، مما أغضب قايد صالح".
 
وردا على سؤال عما إذا كان من المتوقع أن يجري الجنرال توفيق مزيدا من الاجتماعات، بعد التهديد الأخير الذي وجهه له قايد صالح، بيّن شريف: "لا أعتقد أنه سيعيد الكرة، لأنه لم يكن يظن أن يتلقى ردا بمثل هذه القساوة من المؤسسة العسكرية، وبالتالي فهو يدرك الآن خطورة الوضع".