أثارت واقعة إجبار دكتور بكلية التربية "بنين" جامعة الأزهر بالقاهرة، طالبين على خلع بنطالهما أمام زملائهما أثناء محاضرة العقيدة الإسلامية، ضجة كبيرة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، كما أثارت القصة استياء عدد كبير من طلاب الأزهر، والمهتمين بالشأن الديني، والمتابعين، مؤكدين أن تصرف الدكتور لا يليق بتصرف دكتور جامعي وداخل جامعة عريقة كجامعة الأزهر الشريف.
 
وانتشر مقطع الفيديو الخاص بالدكتور إمام رمضان، المدرس المساعد بكلية التربية جامعة الأزهر، كانتشار النار في الهشيم، خاصة وأنه يحدث داخل قلعة من قلاع العلم والإسلام في مصر وهي "جامعة الأزهر"، وأن ما تم تداوله من مقاطع فيديو منافية لما يتم تدريسه داخل أروقة الأزهر.
 
ولكن كمثله من المقاطع التي تتناولها السوشيال ميديا بشكل سريع دون التأكد والتحقق مما يتم تداوله، والتعجل في إصدار الأحكام والقرارات بناءً على ذلك دون السماع لوجهة النظر الأخرى التي تحتمل الصواب أو الخطأ، فليس كل ما يقال يصدق وليس كل ما يسمع صحيحا، لذلك حرصت "فيتو" على التواصل مع وجهة النظر الأخرى وهو الدكتور إمام رمضان الذي يعتبره كثيرون من وسائل السوشيال ميديا "متهما رئيسيا" في تلك الواقعة وبطلها الأوحد لترك القارئ يحكم في نهاية الأمر.
 
ففي بداية الحديث تطرق الأستاذ الأزهري إلى نشأته وطفولته وقال: "ولدت بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية عام 1964، وأنتمي لأسرة متوسطة، والدي كان ملتحقا بالأزهر حتى المرحلة الثانوية، وتلقيت تعليمي كأي طفل، فالتحقت بالمرحلة الابتدائية والإعدادية بالتعليم العام، ولكن بالمرحلة الثانوية التحقت بالتعليم الأزهري، كنت في ذلك الوقت لاعبا لكرة القدم بنادي غزل شبين بمحافظة المنوفية، ورشحت للانضمام إلى منتخب مصر للناشئين تحت سن 19، ولعبت بنادي الزمالك، ولكن أنهيت مرحلة الثانوية بمجموع 58.5% لأقرر بعد ذلك الالتحاق بالمرحلة الجامعية".
 
واستكمل حديثه قائلا: "التحقت بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالزقازيق، ولكن بعد وقت قصير قررت التحويل إلى كلية أصول الدين بالمنوفية، ولكن كنت غير منتظم بالمحاضرات فلم أحضر طوال العام سوى 7 أو 8 محاضرات، وكنت رافضًا لاستكمال التعليم نهائيًا، وترك مصر والهجرة".
 
وعن سبب التفكير في ذلك أكد: "عندما انتقلت إلى الأزهر لم يكن كما تصورته، ولكن كانت الصدمة الكبرى عندما التحقت بالكلية ليصدمني موقف لن أنساه طوال حياتي وهي عندما صدمت بأول محاضرة أحضرها داخل الكلية والتي كانت تتحدث عن الأخلاق لأتفاجأ بأن الدكتور الذي يتناول تلك المادة يتناول زميل آخر له بالقبح والذم فكانت أول القصيدة كفر لما كنت أتصوره لمكانة الأزهر، فقررت ترك الكلية وسط ذهول من الجميع، وكنت في حالة من الضياع، ولكن رجعت مرة أخرى لاستكمال العام الأول لي بالجامعة قبل الدراسة بأسابيع قليلة".
 
ويتابع: "السنوات الأخيرة في الكلية حصلت على تقدير امتياز، وقررت التخصص في العقيدة والفلسفة على الرغم من تحذير البعض لي لصعوبة القسم ورسوبي في عامي الأول، وبعد تخرجي لم يتم تعييني كمعيد بل كإمام وخطيب بوزارة الأوقاف، وحصلت على درجة الماجستير والدكتوراه بعد معاناة سنين من التعب والجهد في رسائلي ليتوج ذلك بحصولي على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز بعنوان "التصور الفلسفي للنفس الإنسانية في العصر الحديث وموقف الإسلام منها". 
 
19 عاما هي المدة التي قضاها الدكتور الأزهري صاحب الـ55 عامًا في التدريس داخل أروقة جامعة الأزهر الشريف منذ عام 2000 وحتى الآن، له العديد من الأبحاث والمؤلفات والتي منها الجذور النصرانية بين العالمية والعولمة، والدين في ضوء جدل العلوم الحديثة، والعولمة الفنية وإعادة تشكيل منظومة الثقافة الإسلامية،  ودراسات في الفلسفة العامة وعلم الأخلاق،  الغزو الثقافي بين الوسائل والغابات، ومابعد الطبيعة عند قدماء المصريين بين فلسفة العقل والنقل، الدين في ضوء جدل العلوم الحديثة، الإرهاب مفهوما وغاية بين الرؤية الإسلامية والغربية، وذهب ذلك كله في مقطع فيديو تم نشره على فيس بوك نتيجة لخطأ اعترف به الدكتور الأزهري.
 
ويروي تفاصيل الواقعة قائلا: "عندما كنت في محاضرة للشعبة العامة بكلية التربية، كان موضوع المحاضرة عن العقيدة والأخلاق بعنوان الإسلام والإيمان والإحسان، وشرح معنى الإسلام والفارق بينه وبين الإيمان، وبيّن أن الأول يختص بالظاهر الحسي، والثانى يختص بالجوهر العملي الذي يترجم إلى نتائج ملموسة تعود منافعها على الأمة رقيا ورفعة، وعلاقته بالحياء، وكيفية ارتقاء الإنسان إلى مرتبة الإحسان وكيف تكون النفس رقيبة على السلوك، وسلاحها في هذا الحياء الذي افتقدناه في العبادات والمعاملات".
وأضاف، "أردت كما تعود الطلاب مني على تمثيل وشرح ذلك تمثيلا حيا واقع الأمة عقيدة وخلقا، فمن يقبل النجاح في المادة بامتياز مقابل تنفيذ ما يطلب منه فإن امتنع رسب في المادة، ليتطوع طالب أو أكثر، وكانت المفاجأة التي أردت أن تكون صادمة لمن خرج متبرعا وبإرادته وفى نفس الوقت أذهلت الطلاب عندما قلت للطالبين اخلعا البنطلون".
 
وأوضح "قلت للطالبين أن كل ما يقال داخل المدرج سواء أكان جِدا أو مزحا يخضع لميزان العقيدة والأخلاق وقلت أنا أصر على تنفيذ مطالبى فإن تراجع يرسب في مادة العقيدة حتى امتنع الطالبان عن تنفيذ ذلك، فقلت لهما يكون حياؤنا من الخالق عز وجل مقدما على حيائنا من المخلوق".
 
ويتابع: "فوجئت بطالب يأتي من آخر المدرج، ويخبرني أنه يرغب في خلع البنطال، وعلى الرغم من رفضي لطلبه إلا أن الطالب أصر بالفعل، وخلع بنطاله على أمل أن يحصل على تقدير امتياز، ووجهت كلامي للطلاب: أن هذا مثال صارخ على أن التعليم النظرى ليس معناه أننا نحزن على الدين والأخلاق، فهذا الذي فعله من أجل النجاح في مادة العقيدة باع العقيدة والأخلاق بعرض دنيوي، ومن على شاكلته كثر في أمة قال رسولها: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، فإنها لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
 
اعترف الدكتور إمام بخطئه في طريقة التمثيل وتوصيل المعلومة للطالب هذه المرة، قائلا: "أعترف بخطئي ولكن تجارِب الباحث دائما معرضة للصواب أو الخطأ، ولم أكن أتوقع من طالب أزهري يحفظ قرآن الله أن يفعل ذلك، ولم يكن لدى أدنى شك في تمثيل تلك الطريقة مع طلابي".
 
وفي نهاية كلامه وجه الدكتور إمام وهو يجهش في البكاء رسالة لمنتقديه، قائلا: "هذه الرسالة إلى الأزهر اسما ومعنى إلى كل من أراد النيل منه في شخصى، فليذهب ألف إمام إلى الهاوية، ويبقى الأزهر".