الأقباط متحدون - كيف تفكك الدولة الدينية؟
  • ٢٠:١٧
  • الثلاثاء , ٢٦ فبراير ٢٠١٩
English version

كيف تفكك الدولة الدينية؟

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٤٠: ١٠ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٦ فبراير ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

سحر الجعارة
كيف تفكك «الدولة الدينية» وتحولها إلى «دولة مدنية»، رغم وجود المقدسات الإسلامية فيها، واعتماد اقتصادها على «السياحة الدينية»؟!.

هذا هو الدرس الذى قدمته المملكة العربية السعودية للعالم، بعدما أدرك الجميع أن «الإرهاب» يبدأ من «الفكر المتطرف»، من إطلاق يد جماعة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» وفرض نفوذها على الشعب، وحكم البلاد من الباطن.. فبدأت السعودية بقرار من الملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود» بإنشاء هيئة للتدقيق فى استخدامات الأحاديث النبوية، بهدف القضاء على النصوص الكاذبة والمتطرفة وأى نصوص تتعارض مع تعاليم الإسلام وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب.

ثم قاد الأمير «محمد بن سلمان» عملية تحجيم هيئة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، إثر إلغاء السلطة الممنوحة لها بمطاردة وإلقاء القبض على الأشخاص، وكان هذا القرار هو الأهم والأكثر تأثيراً.. خصوصاً فيما يتعلق بأوضاع المرأة السعودية.. وتمت مراجعة «المناهج الدراسية» لاستبعاد ما يروج منها للتعصب والإرهاب، وبالتالى تم استبعاد وتوقيف عدد كبير من المدرسين، (يشتبه فى انتمائهم للإخوان)، كان بينهم عدد كبير من المدرسين المصريين!. ثم جاء قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات تتويجا لنضال المرأة السعودية، والتى مازالت تقود حملة على «تويتر»، لتطالب بـ«إسقاط الولاية» عن النساء.. فكان الرد حاسما بتعيين الأميرة «ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز» آل سعود، سفيرة لخادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية بمرتبة وزيرة.

والأميرة «ريما» لها باع طويل فى العمل الأهلى والرسمى، وسيرتها طويلة لا تكفى سطوراً فى مقال واحد.

المهم هنا «آلية التغيير»، فحين أصدر خادم الحرمين أمراً يجيز للمرأة قيادة السيارات فى السعودية، وقتها خرج الأمين العام لهيئة «كبار العلماء» الدكتور «فهد الماجد»، ليقول إن: (علماء الشريعة كلهم قرروا أن تصرُّف الراعى على الرعية منوط بالمصلحة العامة للرعية، وعليه فإن ولى الأمر لن يختار إلا الأنفع والأصلح بكل قراراته).. ليثبت بذلك أن «السلطة» هى الوحيدة القادرة على تغيير الفكر الدينى وتجديده مهما كان مفخخا بألغام تكفير الحكام أو المجتهدين والمفكرين!.

ثم قررت السعودية أن تفتح ولو هامشاً من الحريات، بحق «الترفيه والثقافة» ورأينا الحفلات الغنائية تقام هناك، والتعاقدات تتم مع المبدعين المصريين والعرب.. إنه الاعتراف بـ«الإنسان» فى دولة مارست عليه طويلاً ما يسمى «الحدود الشرعية»، وهو ما يعد تغييراً جذرياً فى منهج الحكم.. ليقترب من المواثيق الدولية التى تحمى حقوق الإنسان وتلغى التمييز على أساس العرق أو الدين أو النوع.

الأميرة «ريما» ليست مجرد سفيرة، إنها رسالة للعالم بأن السعودية تبدل عباءتها، وتغير الصورة الذهنية المأخوذة عنها كدولة دينية، تناهض الشيعة وتضطهد النساء وتحكم بالقبضة الحديدية لرجال الدين. وما يحدث الآن هو تغيير لـ«نمط الحياة» الذى اعتاده الشعب نفسه، لعقليته ونظرته الدونية للنساء والفن.. وتحطيم للأصنام والمحظورات.. إنها مرحلة انتقالية ربما تأتى بعدها ديمقراطية حقيقية لنرى النساء مرشحات لمجلس الشورى ولسن معينات.. فلا تصرخ المرأة هناك: «أنا ولية أمرى»، فقد أصبحت بالفعل «صاحبة ولاية».
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع