الأقباط متحدون - «ماكرون» أخطأ خطيئة «السادات».. ومصر تدفع الثمن باهظا الآن...!!
  • ٠٤:٣٧
  • السبت , ٨ ديسمبر ٢٠١٨
English version

«ماكرون» أخطأ خطيئة «السادات».. ومصر تدفع الثمن باهظا الآن...!!

مقالات مختارة | دندراوى الهوارى

٣١: ٠٣ م +02:00 EET

السبت ٨ ديسمبر ٢٠١٨

ماكرون
ماكرون

 دندراوى الهوارى

فى 17 يناير 1977 ألقى، الدكتور عبدالمنعم القيسونى، نائب رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، حينذاك، بيانا أمام مجلس الشعب، تضمن مجموعة من القرارات الاقتصادية الجوهرية، منها تحريك أسعار بعض السلع المدعمة، مثل الخبز والسكر والشاى والأرز والزيت والبنزين، بجانب 25 سلعة أخرى.
 
هذه القرارات الجوهرية كانت كفيلة بالقضاء على الأورام الخبيثة، والتشوهات الاقتصادية المصرية مبكرا، وإذا ما كتب لها النجاح فى إقرارها حينها، لكان الجسد الاقتصادى المصرى «عفى» وقوى وصحى، الآن، لكن لعب أصحاب «الحناجر» العالية والمتدثرين بعباءات النضال المزيف، وتنظيم شعارات «إن فاتك الميرى إتمرمغ فى ترابه» وجماعات الاتكالية، وجميعهم ينتمى لليسار المصرى، الدور المحورى فى إحباط مشروع الإصلاحات الاقتصادية المبكرة للغاية..!!
 
خرج «الحنجوريون» من اليسار وفى القلب منهم المتدثرون بعباءة الناصرية، لتأليب العمال فى مصانع وشركات الغزل والنسيج سواء فى حلوان أو شبرا الخيمة، بجانب عمال شركة الترسانة البحرية فى منطقة المكس بالإسكندرية، وبدأ العمال يتجمعون ويعلنون رفضهم للقرارات الاقتصادية وخرجوا إلى الشوارع فى مظاهرات حاشدة تهتف ضد الجوع والفقر وبسقوط الحكومة والنظام.
 
ثم تطورت المظاهرات لتضم، الجامعات والموظفين بجانب الأحزاب والنقابات، وخرجت للشوارع والميادين، ثم سرعان ما تحولت إلى عنف وتخريب وتدمير، منها حرق أقسام الشرطة مثل «الأزبكية والسيدة زينب والدرب الأحمر إمبابة والساحل وحتى مديرية أمن القاهرة»، بجانب حرق المنشآت العامة، ووصل الهجوم إلى بيت محافظ الدقهلية فى المنصورة وتم نهب أثاثه وحرقه، ونزل إلى الشارع عناصر اليسار بجميع أطيافه، رافعين شعارات الحركة الطلابية.
 
هنا كانت الكارثة والوبال الحقيقى الذى جلبه اليسار وفى القلب منه الناصريون على مصر ومستقبلها، بوقوفهم أمام مشروع الإصلاح الاقتصادى، ما أجبر الرئيس الراحل أنور السادات إلى التراجع وإلغاء القرارات، ما ترتب عليه كارثتان، اقتصادية وسياسية، وتدفع مصر ثمنهما غاليا منذ عام 1977 وحتى الآن..!!
 
التأثير الاقتصادى، كان فى تزايد انتشار الأورام والتشوهات فى جسده، وبمرور الوقت يزداد ضعف وعلة، يقابله زيادة كارثية فى فاتورة الإصلاح والعلاج مع تراكم السنين.
 
أما التأثير السياسى، فإن السادات أطلق يد جماعة الإخوان وحلفائها فى الشارع لمواجهة اليسار، فسيطرت الجماعة الإرهابية، وتنمرت وغرست أنياب أفكارها المتطرفة فى عقول المصريين، وكان يناير 1977 تاريخا فاصلا وجوهريا فى تغيير وجه مصر التنويرى والحضارى، والعودة بها إلى عصور الظلام.
 
كما رسمت تلك المظاهرات التخريبية، والمدمرة لمشروع انطلاقة مصر الاقتصادية والنهضوية، سياسة خليفة السادات، الرئيس حسنى مبارك، حيث استمر 30 عاما، مستخدما المسكنات فى علاج أورام سرطانية تنهش فى الجسد الاقتصادى والسياسى، مخلفة نتائج مدمرة، وتضاعفت فاتورة العلاج وظلت تنتقل من خانة العشرات إلى المئات ثم الآلاف والملايين والمليارات والتريليونات مع مرور السنين.
 
وكان القرار الأخطر فى تاريخ مصر، عندما واجه الرئيس عبدالفتاح السيسى هذه الأوجاع والآلام المميتة بمشرط جراح، عام 2016 واتخذ قرار العلاج الجذرى، لإنقاذ مصر، مثلما أنقذها سياسيا من غول الجماعات الإرهابية، وكأن السيسى جاء لإصلاح ما دمره الحنجوريون، وما رسمته سياسة الضعف والخنوع والخضوع للشعارات الزائفة التى تضر وتدمر ولا تفيد..!!
 
وتخيلوا، لو كان الدكتور عبدالمنعم القيسونى، وهو من أشهر الاقتصاديين الذين عرفتهم مصر، قد نجح فى مشروع الإصلاح الاقتصادى عام 1977 أى منذ 41 عاما بالتمام والكمال، ماذا كان حال مصر الآن؟ على الأقل ما دفعنا ثمنا باهظا لهذا الدواء المر لعلاج الجسد العليل الذى ظل ينهش فيه المرض على الأقل طوال 41 عاما، وما من جسد ينهش فيه مرضا خبيثا طوال أربعة عقود كاملة، إلا وقد دمر كل أعضائه، وأصابه بالوهن والهزال وأدخله فى غيبوبة الموت والفناء..!!
 
خطيئة تراجع السادات عن الإصلاحات الاقتصادية، نزولا على رغبة تنظيمات حنجورية اتكالية، منذ 41 عاما، يكررها الآن الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» الذى قرر التراجع عن قراراته الاقتصادية استجابة للمخربين والمدمرين..!!
 
وهنا لابد لفت النظر لأمرين مهمين، الأول أن التراجع عن قرارات إصلاحية مهمة تنهض بالتنمية والازدهار الاقتصادى، أمر خطير، ويقوض فرص التحسن ويؤجل التقدم.
 
أما الأمر الثانى، فإن تراجع السلطة عن اتخاذ الخطوات الإصلاحية، وتلبية كل مطالب الحنجوريين المخربة والمدمرة، خطيئة سياسية، تضخم من ذوات المخربين، وتصدر لهم أوهام القوة والتأثير، وتضعف من قوة وسطوة وهيبة النظام، ومن ثم ترتفع سقف المطالب للمخربين، فى انتهازية سياسية كبرى، ويخرج خصوم النظام للانقضاض عليه، وتوجيه ضربة إزاحته من الحكم، للقفز على مقاعد السلطة..!!
 
لذلك فإن على الحكومات أن تُعلى من شأن الدراسة والتقييم وتقارير تقييم وتقدير الحالة، عند اتخاذ القرارات، وبمجرد المواجهة والتطبيق، عليها ألا تتراجع أمام مطالب مخربة ومدمرة، طالما تؤمن ووفق دراسات علمية حقيقية، بقيمة القرارات الإصلاحية..!!
 نقلا عن اليوم السابع
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع