الأقباط متحدون - اذهبوا إلى الصعيد المتعطش للثقافة
  • ٠٧:١٨
  • الاثنين , ١٢ نوفمبر ٢٠١٨
English version

اذهبوا إلى الصعيد المتعطش للثقافة

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٠٩: ٠٦ ص +02:00 EET

الاثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

سحر الجعارة
هل يمكن أن نحارب الفقر والجريمة والإرهاب بالفنون؟.. هذا السؤال أجاب عنه الفنان والناشط الاجتماعى «خوزيه آبرو»، الذى توفى فى فنزويلا، مارس من مطلع هذا العام وعمره 78 عاماً، قضى أغلبها فى مساعدة أطفال الأحياء الفقيرة فى بلاده ومنحهم فرص النجاح وتحقيق حياة كريمة.

فقد أسس «آبرو» برنامج «السيستيما»، الذى يقدم دروساً مجانية فى الموسيقى لأطفال الأحياء الفقيرة فى جميع مناطق فنزويلا.. وتأسست برامج على غراره فى بلدان أخرى.. و«آبرو» وُلد فى عائلة موسيقية، ودرس الموسيقى فى بداية حياته، ولكنه انتقل إلى «كاراكاس» لدراسة الاقتصاد، وعمل خبيراً اقتصادياً لدى الحكومة، كما كان نائباً احتياطياً فى البرلمان عام 1960.. حتى بدأ برنامجه فى عام 1978.

كانت فكرة البرنامج تهدف إلى إنشاء أوركسترا أصيلة فى فنزويلا، فأطلق برنامج السيستيما فى «جراج» وجمع له 11 موسيقياً، وأيقن من حماسهم أنه سينجح. وكان هدف البرنامج «مكافحة الفقر» من خلال تعليم الموسيقى مجانياً للأطفال فى الأحياء الفقيرة، ليستفيد الأطفال، منذ سن الثالثة، من دروس مسائية مجانية فى الموسيقى بالتركيز على الأوركسترا. وقال «آبرو» فى أحد تصريحاته: «نحن نأخذ الأطفال ونبعدهم عن المخدرات والجريمة، وذلك إنجاز». تأمّل الفكرة التى تحولت إلى واقع غيّر عالم الجريمة فى فنزويلا، لتعرف أننا لا نطالب باستخدام «سلاح الثقافة» فى وجه التطرف والإرهاب إلا عن وعى وإدراك بأن أى إنسان يتردد على المسرح والأوبرا، أو يقرأ الشعر والرواية والتاريخ والعلوم الإنسانية، مستحيل أن يحمل سلاحاً، أو يتورط فى عصابة إجرامية، أو يدمن المخدرات!. لقد رأيت بنفسى، مثلاً، كيف يتوافد الشباب على «ساقية الصاوى»، وشعرت بأنهم متعطشون للفنون والإبداع والمعرفة.

وفى شرم الشيخ، حيث عُقد منتدى شباب العالم الثانى، افتتح الرئيس «عبدالفتاح السيسى» مسرح شباب العالم، ليكون منبراً لعرض قضايا الشباب، ومحوراً جامعاً لمختلف الفنون.

وكان اللافت للنظر أنه للمرة الأولى يتم تصميم المسرح ليناسب احتياجات متحدى الإعاقة، كما شارك فى إحياء فعالياته أوركسترا جمعية «النور والأمل».. وهو يُعد تدشيناً لمركز حضارى يمد شرايين سيناء بالفكر والفن، ويحفز الشباب على تقديم مواهبهم كما يحدث فى كل دول العالم المتقدم.. صحيح أن نشر الثقافة والفنون هو مسئولية الدولة، عبر وزارة الثقافة ووسائل الإعلام الحكومى، إلا أنه مسئولية المثقف أيضاً.. الذى ابتعد عن الناس ليشخص واقعهم عن بُعد! لقد كان النجم «عادل إمام» أول وآخر من ذهب إلى صعيد مصر، نهاية الثمانينات، ليواجه الجماعات الإرهابية التى تحرّم الفن بعرض مسرحية «الواد سيد الشغال» لجماهير محافظة أسيوط لمدة يومين مجاناً فى ظل حراسة أمنية مشددة، وخصص دخلها لصالح النشاط المسرحى فى عاصمة صعيد مصر.. والآن قد تجد النجوم فى الجونة أو باريس، لكنك لن ترى واحداً يغامر بحياته ويذهب إلى الصعيد الذى أصبح بؤرة للفقر والتطرف.. وبالتالى فمن واجب الدولة أن تتحمل هذه المهمة، وأن توفر لأبناء الصعيد التنمية الفكرية مع التنمية الاقتصادية.

افتحوا أبواب قصور الثقافة المغلقة، انشروا المسارح ودور السينما والمكتبات هناك.. وفِّروا الحماية اللازمة لتذهب الفرق الموسيقية والمسرحية إلى جامعات الصعيد.. لقد أسقطناهم من حساباتنا وتركناهم فى فراغ لا يملأه إلا التخلف والجهل والتطرف والإرهاب.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع