الأقباط متحدون - ليست مجرد جريمة
  • ٠٢:٢٥
  • الخميس , ٣٠ اغسطس ٢٠١٨
English version

ليست مجرد جريمة

مقالات مختارة | بقلم : كريمة كمال

٣٣: ٠٣ م +02:00 EET

الخميس ٣٠ اغسطس ٢٠١٨

كريمة كمال
كريمة كمال

 لم يعد يمر يوم دون أن نكون فى حالة صدمة ودهشة أمام جريمة جديدة غريبة.. نحن الآن فى صدمة من جريمة قتل الأب فى قرية سلسيل لطفليه الاثنين بعد أن أغرقهما فى النهر واحدًا تلو الآخر، وجريمة قتل الأم لطفليها الاثنين فى المنيا، بعد أن ألقت بهما فى بحر يوسف، وها هى جريمة قتل العاطل للزوج، طعنا على الشاطئ، لأن الزوج اعترض على تحرشه بزوجته، واختلطت الدماء بمياه البحر وسط صدمة المصطافين.

 
بل إن الدهشة والصدمة قد اعتقلتنا أمام جريمة قتل راهب لرئيس الدير بالاتفاق مع راهب آخر.. أى أن هذا مجتمع وقعت فيه الجرائم الغريبة والبشعة ليس فقط فى نطاق الأسرة، بل أيضا داخل الأديرة الدينية التى من المفترض أنها أبعد مكان عن حدوث ذلك.. ورغم أن الدهشة أو الصدمة قد جعلتنا لا نفكر إلا فى هذه الجرائم، فالعديد من الجرائم الأخرى الغريبة لم يمر عليها سوى وقت قصير فهل نسيناها؟!
 
هل نسينا جريمة «طفلة البامبرز»؟
 
هل نسينا جريمة قتل الطبيب لابنه بعد أن أوسعه ضربا حتى الموت بسبب مبلغ مالى؟!
 
هل نسينا جريمة قتل الأب لنجلته وإصابته لزوجته بسبب مائتى جنيه؟!
 
هل نسينا جريمة الأم التى ألقت بجثث أطفالها فى الشارع بعد احتراقهم فى المنزل؟!
 
فهل ننسى الجرائم الأخرى الغريبة التى لم يمر عليها الوقت الكثير؟
 
هل نسينا جريمة الرحاب التى راحت ضحية لها أسرة بأكملها، ولم نعرف الجانى حتى الآن، ومازالت لغزا لم يحل؟!
 
هل توقفت صدمتنا ودهشتنا أمام حالات الانتحار المتتالية بالقفز أمام المترو، والتى توالت بشكل متماثل ومتقارب فى فترة زمنية قصيرة جدا، الواقعة تلو الأخرى؟!
 
نحن نخرج من حالة صدمة ودهشة إلى حالة صدمة ودهشة، لم تعد واقعة واحدة تصدمنا، بل هى وقائع متتالية، لنصل فى النهاية لقناعة واحدة، وهى أن الأمر ليس مجرد وقوع جريمة غريبة، بل نحن أمام سلسال من الجرائم الغريبة أصبحت تمس صورة المجتمع كله، وتكاد تشكله لنصبح أمام مجتمع يعانى أمراضا عديدة، تدفع بالعديد من التساؤلات حول أسبابها.
 
هل بتنا مجتمعا مريضا؟ ولماذا؟
 
المجتمعات كلها تشهد حدوث جرائم بشعة وغريبة، لكن تظل الأمور فى حدود جريمة واحدة تزلزل المجتمع، وتصدمه لفترة طويلة، وتظل فى الذاكرة فترة طويلة، لأنها لا تتكرر، أما التكرار للجرائم البشعة والغريبة بهذا الشكل المتقارب لدرجة أننا نقرأ عن أكثر من جريمة فى اليوم الواحد، وتتزامن جريمة قتل الأب لأبنائه بجريمة قتل الأم لأبنائها، وكأننا أمام موجات من الجرائم، بحيث نخرج من جريمة لنواجه أخرى، ونخرج من حالة صدمة لنواجه حالة صدمة أخرى.
 
هذا معناه أن الأمر ليس مجرد حدوث جريمة بشعة أو غريبة، بل نحن هنا أمام تكرار للجرائم البشعة والغريبة! نحن هنا أمام «ترند» يجعل من الجرائم البشعة والغريبة حالة متكررة، لا تتوقف، تدفعنا للتساؤل عن أسباب تكرارها.
 
هل السبب الضغط اليومى المتنامى؟
 
هل السبب الأزمة الاقتصادية التى تعصف بالكثيرين؟
 
هل السبب العنف اليومى الماثل فى الشوارع، نتيجة تعقد الحياة وازدحامها؟
 
هل السبب انعدام الأولويات وانقلابها؟
 
هل هو مناخ عام يفرز ضغطا وعنفا، يشكل حال المجتمع كله، ويشكل أولوياته، ويدفع بأمراضه لتسود وتطغى على الجميع؟
 
هل هى حالة من اليأس وفقدان الأمل تسود المجتمع فتدفع إلى الجريمة، سواء ضد الآخر (أى إن كان هذا الآخر غريبا أو قريبا حتى لو كان الابن نفسه) أو ضد الذات بالانتحار؟!
 
يجب أن نعترف بأن هذا مجتمع يعانى من التمزق والخلل والمرض.. لنحاول أن نبحث عن الحل..!
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع