الأقباط متحدون - إعلام الفوضى!
  • ١٩:٢٤
  • الخميس , ٢٥ يناير ٢٠١٨
English version

إعلام الفوضى!

مقالات مختارة | سليمان جودة

١١: ٠١ م +02:00 EET

الخميس ٢٥ يناير ٢٠١٨

 سليمان جودة
سليمان جودة

 رفض الأكاذيب الكثيرة التى تنشرها عنا صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لا يجب أن يمنعنا من الانتباه إلى أنها صحيفة كبيرة، وأن تأثيرها يمتد فى أنحاء العالم، ولا يقف عند حدود الولايات المتحدة الأمريكية، على اتساعها واتساع قاعدة الرأى العام فيها!

 
وأكاذيبها المتكررة عنا لا يجب أيضاً أن تمنعنا عن العمل على احتوائها، لأن من بين قرائها مَنْ يعتبرها، رغم سقطاتها، أكبر جريدة فى الدنيا!
 
ولا يجوز أن ننساق وراء حملة الرئيس الأمريكى ترامب عليها، فلقد بادر هو بزيارتها فى مقرها، فى مدينة نيويورك، بمجرد دخوله البيت الأبيض، يناير الماضى، وقد راح يومها يتبادل النكات مع عدد من محرريها، ومع هيئة تحريرها، رغم حملته الشديدة عليها وقت ترشحه فى السباق الرئاسى!
 
وقبل أيام عاد ليجدد الحملة فى اتجاهها مرةً أخرى.. وهو فى هذه المرة لم يستهدفها وحدها، ولكنه استهدف معها الواشنطن بوست.. والجريدتان هما الأكثر توزيعاً، وتأثيراً، فى الولايات الأمريكية الخمسين، وفى عقل صانع القرار الأمريكى ذاته، بصرف النظر تماماً عن وجهة نظر ترامب فيهما!
 
واللافت أنه وسّع دائرة غضبه لتشمل أهم مجلتين أمريكيتين هما: تايم.. ونيوزويك!.. فلاتزال الأولى بالذات قادرة على أن تجعل من صورة واحدة على غلافها عند نهاية كل عام، منصة لتنصيب الشخصية الأهم فى دوائر السياسة العالمية.. وهو تقليد سنوى بدأته المجلة، وحافظت عليه، وظلت ترسخ قواعده سنةً بعد أخرى!
 
وقبل عدة أشهر كانت قد وضعت صورة على الغلاف لستيف بانون، الذى عمل مستشاراً سياسياً لترامب، لأسابيع قليلة.. وكان تعليقها على الصورة أن صاحبها هو العقل الأكبر فى البيت الأبيض كله.. ولم تكن تبالغ فى شىء.. فالعارفون بعقلية بانون يشهدون له بشهادة المجلة نفسها، وفى كتاب النار والغضب الذى صدر مؤخراً عن طريقة أداء إدارة ترامب، كانت عبارات قليلة جاءت فيه لبانون، هى وحدها التى أوجعت الرئيس الأمريكى وأفقدته الكثير من صوابه!
 
ولم يجد شيئاً يقوله يومها سوى أن بانون قد فقد نصف عقله عندما فقد وظيفته فى البيت الأبيض، ثم فقد النصف الآخر حين قال ما قاله لمؤلف الكتاب!
 
وإلى جوار الجريدتين الأكبر، والمجلتين الأشهر، استهدف الرئيس الأمريكى، أيضاً، شبكتين تليفزيونيتين هما الأعرض فى تواجدهما بين الجماهير: سى إن إن.. وإيه بى سى!
 
والحملة بهذا الشكل هى فى حقيقتها حملة على الإعلام التقليدى، الذى لاتزال له قواعده الحاكمة للأداء فيه، رغم أخطاء، وربما خطايا، تقع منه هنا وهناك!
 
أما إعلام التغريدات، وإعلام مواقع التواصل، الذى ينحاز إليه ترامب، ويمارس حملته على الإعلام الآخر لصالحه، فهو إعلام فوضوى فى كل حالاته، ولا يخضع فى عمله لقاعدة ثابتة، ولا لتقاليد مرعية!
 
وهذا هو الخطر الأكبر، فيما يفعله ساكن البيت الأبيض، منذ جاء إلى الحكم.. إنه يؤسس لفوضى لا يجوز لأحد أن ينساق وراءه فيها!.
 
ارسل تصحيحاً
نقلاعن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع