الأقباط متحدون - حج مبرور يا حاج «قمر»!
  • ٢١:١١
  • الجمعة , ٥ يناير ٢٠١٨
English version

حج مبرور يا حاج «قمر»!

مقالات مختارة

مقالات مختارة | بقلم رامى جلال

٣١: ٠٢ م +02:00 EET

الجمعة ٥ يناير ٢٠١٨

رامى جلال
رامى جلال

عزيزى القارئ.. إن كنت محباً للحياة، مؤمناً بالإنسانية، مؤيداً للتنوع، فكل عام وأنت بخير وصحة وسلام، بمناسبة أعياد الميلاد المجيد، وإن كنت من المتشددين المتطرفين، فافعل ما تريد بعيداً عن مقالى؛ فمشاركة الآخرين لفرحتهم بأعيادهم لا تعنى بالضرورة مشاطرتهم الإيمان بالعقيدة الكامنة وراء هذه الأعياد، لكنها تدل فقط على الإنسانية التى تميزنا عن الكائنات الأخرى. فكل فئة بشرية تحتفل بأعياد لا تؤمن بها باقى الفئات، فإن كنا سنعزل أنفسنا فلن نتقدم، فالحب يبنى والكراهية تدمر.

أعداء الحياة يسطون على عقولنا.. ولكى يسطو اللص المحترف على منزل ما عليه فعل أحد أمرين، إما أن يضع مع عصابته خطة محكمة ومتقنة لاقتحام المنزل، أو أن يطرق الباب ببساطة مراعياً فقط أن تكون طرقاته قوية ومتتالية ومتسارعة ومُلحة بحيث تُجبر من فى الداخل على إيقاف عقله واستخدام عضلاته فقط والنهوض لفتح الباب للعصابة فتقع الواقعة. التقنية الثانية كثيراً ما يستخدمها مطلقو الشائعات فى الوطن العربى، حيث يروجون لإشاعة مغلفة بإطار دينى لكى يتوقف العقل وتعمل العاطفة فتنتشر الشائعة، وهذه إحدى تقنيات التجهيل عندنا.

صحوت من نومى منذ أيام فوجدت رسالة مكتوباً بها: (الليلة الساعة 2:25 صباحاً سيلف القمر حول الكعبة والسماء ستكون بلون البحر، فى ﻇﺎﻫﺮة لا ﺗﺘﻜﺮر إلا ﻛﻞ مائة أﻟﻒ ﻋﺎم، وﻳﺴﺘﺤﺐ اﻟﺪﻋﺎء ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠر. أرﺟﻮ إرﺳﺎل الرسالة لخمسة أشخاص على الأقل لأﺧﺬ ﺛﻮاﺑﻬﻢ).. انتهت الرسالة وبدأت معها مأساة تجهيلنا تتجسد أمام عقلى.. فمبدئياً لا نعرف اسم أو طبيعة هذه الظاهرة «العلمية» الفريدة، التى «تتكرر كل مائة ألف عام»، فالعادى أن يدور القمر حول الأرض فى مسار لا يتغير. ولا يوجد أى شىء يدور حول الكعبة غير الحجيج فى موسم الحج. وفيما أعلم فإن القمر لا ينتوى الحصول على لقب «حاج». وهذا يشبه شائعة أن الكعبة المشرفة هى مركز الأرض، بينما مركزها هو نقطة فى باطنها لأنها كرة، ومن تلك النقطة فى المركز يمكن مد خط مستقيم لمكان ما على سطح الكرة، سواء كان هذا المكان الكعبة أو الفاتيكان!

الأرقام بالرسالة ذات دلالات؛ تحديد الساعة والدقيقة هو من قبيل «الحبكة» الدرامية للشائعة. وذكر فترة المائة ألف عام هدفه الإبهار، وفكرة أن نُعيد توجيه الرسالة لخمسة أشخاص هدفه الإيحاء بالأهمية.. ولون سماء النهار هو لون البحر نفسه، أما سماء الليل فهى عادة بلون أيامنا التى نعيشها.. كما أنه من غير المفهوم لماذا يكون الدعاء مجاباً فى هذه اللحظة تحديداً؟ هل هى موجهة لعبدة القمر مثلاً؟ القرآن الكريم يقول صراحة: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}.

عزيزى القارئ.. القمر لن يدور فى غير مساره، البشر فقط هم من يعرفون اللف والدوران فى أحاديثهم وصياغة شائعاتهم. المهم الآن أن ترسل هذا المقال لعشرة أشخاص لينتشر أكثر فتأخذ أنت ثواباً حين أحصل أنا على أجر أكبر من الجريدة!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع