الأقباط متحدون - قطر «صندوق بريد» لمن يديرونها و«إسرائيل عربية» فى الخليج
  • ١٥:٥٣
  • الاثنين , ٣ يوليو ٢٠١٧
English version

قطر «صندوق بريد» لمن يديرونها و«إسرائيل عربية» فى الخليج

مقالات مختارة | سليمان شفيق

٤١: ١٠ ص +02:00 EET

الاثنين ٣ يوليو ٢٠١٧

سليمان شفيق
سليمان شفيق

حين تقدمت دول المقاطعة الأربع، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، بوثيقة تحمل مطالبها لقطر حتى يمكن حل الأزمة، قلت فى لقاء مع قناة «صوت الشعب»، إن قطر مجرد «صندوق بريد» توجه فيه دول المقاطعة شروطها لكى تصل إلى الدول الأربع التى تكفل قطر، وهى الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وتركيا وإسرائيل، وإنه واهم من يعتبر أن هذه المطالب تقدم لتميم ووالدته، وقبل كل ذلك أؤكد أن قطر هى المعادل الموضوعى لإسرائيل، بل هى إسرائيل العربية التى ذرعتها أمريكا فى الخليج فى غفلة من مجلس التعاون الخليجى، وربما لم يلفت نظر أحد أن قطر الآن أخطر من إسرائيل نفسها، ولنتأمل كيف تجمع قطر بين ثلاثة دول لا تجتمع مطلقًا، وهى قاعدة للأمريكان، وقاعدة لتركيا، وخبراء من الحرس الثورى الإيرانى! الأمريكان هم الشيطان الأكبر لإيران، وتركيا أردوغان ممثل الخلافة السنية العثمانية يتجاور مع «الرافضة» من الشيعة، وبذلك فإن قطر جمعت ما يعجز عن تجميعه الشيطان ذاته!
 
وكانت الدول المقاطعة لقطر «السعودية والإمارات والبحرين ومصر» قد وجهت قائمة مطالب إلى الدوحة، على رأسها قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية، ولكن قطر فى استهانة بالغة سربت تلك المطالب فور تسلّمها من المبعوث الكويتى، وكانت المطالب مكونة من 13 بندًا، منها إغلاق قناة الجزيرة، التى تتهمها الدول الأربع بإثارة الاضطرابات فى المنطقة، ودعم جماعة الإخوان الإرهابية، وخفض التمثيل الدبلوماسى الإيرانى، وطرد أعضاء الحرس الثورى الإيرانى الموجودين على أراضيها، وإغلاق القاعدة التركية، وعدم تجنيس المواطنين من الدول المقاطعة الأربع، ووقف تمويل ومساندة الإرهاب، وتسليم المطلوبين وقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وحزب الله وداعش، وأمهلت دول المقاطعة قطر عشرة أيام لتنفيذ تلك المطالب، من جهته مكتب الاتصال الحكومى فى قطر فى بيان لـ«رويترز» قال: «نراجع هذه المطالب انطلاقًا من احترامنا للأمن الإقليمى، وسيكون هناك رد رسمى من وزارة خارجيتنا».
 
وأضاف البيان: «وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون دعا فى الآونة الأخيرة السعودية والدول الأخرى إلى إعلان قائمة مطالب معقولة وقابلة للتنفيذ»، مؤكدًا أن «هذه القائمة لا تفى بهذا المعيار». الرد الأول كان من الكفيل الأكبر، حيث صرح وزير الخارجية الأمريكى، ريكس تيلرسون، فى وقت سابق من الأسبوع الماضى إلى أن الدول المجاورة لقطر ستقدم قائمة بالمطالب وصفها بالـ«معقولة والقابلة للتنفيذ».
 
ثم عادت الولايات المتحدة ووصفت الأزمة بين قطر ودول الخليج العربية الأخرى بأنها «قضية عائلية». جاء هذا الكلام على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، فى حديث مع الصحفيين فى واشنطن، مما يدل على أن هناك انقسامًا فى الرأى بين الخارجية والبيت الأبيض، ولكن فى الحالتين الولايات المتحدة تريد أن تتمسك بقطر كقاعدة، كما تريد الارتباط بمصالحها مع الدول المقاطعة فى آن واحد.
 
أما رد الكفيل التركى لقطر وبناءً على هذه التقارير، قال وزير الدفاع التركى، فكرى إيزيك، الجمعة 23 يونيو 2017، فى مؤتمر صحفى، إن بلاده لا تعتزم إعادة النظر فى الاتفاق الخاص بقاعدتها العسكرية فى قطر، معتبرًا أن أى مطلب لإغلاقها سيمثل تدخلًا فى علاقات أنقرة بالدولة الخليجية. وأضاف أنه لم يتسلم أى طلب رسمى بإغلاق القاعدة، زاعمًا أن القاعدة فى قطر هى قاعدة تركية من شأنها الحفاظ على أمن قطر والمنطقة.
 
يبقى الرد الإيرانى، وجاء على لسان وكيل إيران فى المنطقة، الأمين العام لحزب الله، حسن نصر لله، الذى صرح الخميس الماضى فى احتفال «عيد المقاومة والتحرير» بأن المملكة العربية السعودية ستخسر أى حرب تخوضها ضد إيران، ونصح الرياض بالتفاوض مع طهران بدلًا من سلوك طريق يؤدى إلى سفك المزيد من الدماء.
 
أما فك الشفرة الحقيقية فيأتى من جانب إسرائيل، وبعد ساعات قليلة من إعلان دول المقاطعة الأربع عن موقفها.. فى أول رد إسرائيلى رسمى، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان أن «قرار عدد من الدول العربية قطع علاقاتها مع قطر يمثل فرصة ممتازة لتوحيد الجهود مع إسرائيل فى محاربة الإرهاب»، كما أعلنت شركة الطيران الإسرائيلية «أركيع» التعاون التجارى مع الخطوط الجوية القطرية، وقال موقع «مكور» الإخبارى الإسرائيلى إن تعاون شركة الطيران الإسرائيلية مع الخطوط الجوية القطرية لن يتأثر بالأزمة السياسية بالخليج، التى نشبت بينها وبين دول خليجية وعربية.. وأكد الموقع أن إسرائيل تمد قطر بالسلع الغذائية.
 
ولمزيد من الفهم، يجب التوقف أمام مقال أوكسانا شفانديوك نشرته صحيفة «جيروزليم بوست» بعنوان: «خمسة أسباب تجعل إسرائيل معنية بالأزمة القطرية»، وذكرت: «التمهيد للتقارب بين إسرائيل من جهة والسعودية ودول الخليج الأخرى من جهة أخرى، كما أن الأزمة تثبت عودة النفوذ الأمريكى إلى المنطقة.. الأزمة تسهم فى تعزيز مواقع إسرائيل فى المنطقة بشكل عام ومواقع الحكومة الإسرائيلية بشكل خاص، التركيز على الإرهاب الإسلامى وإضعاف حماس».
 
هكذا تكون القضية أكبر من قطر، وأعتقد أن الدبلوماسية المصرية العتيدة تدرك أننا بصدد أربعة محاور مترابطة، هى أمريكا وتركيا وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، وما قطر سوى «حصان طروادة» الذى يختبئ داخله كل هؤلاء، من أجل مزيد من التقارب بين إسرائيل ودول الخليج والسعودية، ومزيد من إمساك أمريكا بكل الخيوط للمحور الجديد الذى تريد مصر تزعمه فى الخليج، كما أن إيران لا تبتعد كثيرًا، فهى تطالب أيضًا بالتفاوض مع المملكة العربية السعودية بشأن اليمن وسوريا، كما جاء على لسان حسن نصر الله «بدلًا من سلوك طريق يؤدى إلى سفك المزيد من الدماء».
 
تجدر الإشارة إلى أن تحريك الإرهاب فى السعودية، وتجاوز الخط الأحمر، بمحاولة الاقتراب من الحرم المكى الشريف، مؤشر ليس للسعودية وحدها.. بل وربما يطال دول المقاطعة الأخرى.
نقلا عن اليوم السابع

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع