الأقباط متحدون - أتُنكرني يا سمعان ؟!
  • ١١:٢٨
  • الخميس , ١٣ ابريل ٢٠١٧
English version

أتُنكرني يا سمعان ؟!

أندرو اشعياء

مساحة رأي

٤٦: ٠٧ م +02:00 EET

الخميس ١٣ ابريل ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

اندرو اشعياء
كانت نفسه تئن إزاء المخلص بينما خاف أن يقترب بسبب الذئاب المحيطه به، وحتمًا دمعت عيناه واعتصرت آلمًا ولم يكن يقدر أن يبكي لئلا يرآه الشعب .. كان وجهه مبتسمًا بينما فكره كان قلقًا كالبحر حين تضطرب أمواجه وتعلوا جدًا .. إنه القديس بطرس الرسول.
 
لقد أخذوا السيد المسيح حيث رئيس الكهنة ليحاكموه "وكان سمعان بطرس والتلميذ الآخر يتبعان يسوع، وكان ذلك التلميذ معروفًا عند رئيس الكهنة، فدخل مع يسوع إلى دار رئيس الكهنة، وأما بطرس فكان واقفًا عند الباب خارجًا. فخرج التلميذ الآخر الذي كان معروفًا عند رئيس الكهنة، وكلم البوابة فأدخل بطرس". (يو18: 15-16)
 
وقف بطرس عند البوابة (خارج قاعة دار قيافا رئيس الكهنة) ليتابع في خوف ماذا يحدث وفجأة سألته البوابه: ألست أنت أيضا من تلاميذ هذا الإنسان؟ وفي دهشة عجيبه انكر بطرس السيد المسيح .. لقد أرتفع الموج عليه فخاف لئلا يغرق باعترافه فكذب وقال انه لا يعرفه .. فبدأ يحلف ويقول اني لا اعرف الرجل .. لقد دخلت الخطئيه اليه فإظلمت نفسه .. دخل اليه الخوف وألقى بشباكه فجني كذب وإنكار !!
 
ثم إنسحب من الموقع إلى مدخل القاعة يستدفئ مع العبيد والخدام، حيث أضرموا جمرًا لأنه كان برد وذلك بالدهليز (مساحة الأرض الفارغة بين البوابة ودار رئيس الكهنة) ظانًا بذلك أنه من الممكن أن تهدأ العاصفه قليلًا عنه ولكنها عادت ايضًا لتهب عليه ولكن بقوة أكبر .. فسألوه هناك ألست أنت أيضا من تلاميذه؟ فأنكر ايضًا وقال لستُ أنا !! وغرق سمعان للمرة الثانية في هوة الكذب العظمى وبدلًا من أن يتبع بمحبته معلمه، أحاط بإنكار عظيم .. سمعان الذي أبغض العالم وتبع ابن الله نكره علنًا !!.. ليس هذا فحسب بل صعقه الثالث (واحد من عبيد رئيس الكهنة، وهو نسيب الذي قطع بطرس أذنه) حينما سأله: أما رأيتك أنا معه في البستان ؟! فأنكر في خوف للمرة الثالثه وغطاه الفيض وأمواج الكذب المضطربه ..
 
وللوقت صاح الديك وتذكر سمعان كلمة الإبن .. نظر الي نفسه ووجد بأنه سقط في قمة الضعف .. ذم ذاته لأنه عوض محبة التلمذة إنحدر الي هوة الكذب العميقة، وحينئذ دخل ضميره وجلس ضده مثل الحاكم، وكان يُجلد بالافكار كما لو كان كالقضبان .. نظر اليه السيد المسيح فخجل سمعان وأطرق رأسه لأسفل ليصطدم بحوار صامت !! .. لماذا تنكرني يا سمعان ؟! الستُ انت من كان قربي عند تحويل الماء الي خمر ؟! الستُ أنت من كان معي وقت التجلي ؟ّ ألستُ أنت من عاين إقامة ابنة يايروس ؟! الستُ انت من أجاب في تحد "لو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك"
 
خرج سمعان ونفسه تعتصر آلمًا مناجيًا نفسه قائلًا: كان اولى بي أن أتعذب معه لما كان يتعذب، وأن يضربونني ايضًا لما كان يُلطم .. أين أذهب لأفتش عن حياتي التي تكاد أن تهلك بعيدًا عنه وهو الحياة كلها، وبمن أعترف بعد أن أنكرت ؟! ربما ناجى نفسه ايضًا سرًا وناشد التلاميذ صارخًا: ليبك لأجلي بمرارة رفقائي العشرة، فكأن من الأفضل أن أهرب كما هربوا من أن أنكر .. ابك يا توما على ذنب سمعان أخيك لانه أنكر الابن أمام الجموع .. ولول يا يعقوب ومعك متى وبرثلماؤس بسبب خبر جريمتي التي إقترفت اليوم .. يا يوحنا معلم الأسرار هلم وأبك علئ .. ياليتك ما ادخلتني معك !! ابك علئ يا والدة الاله لأنني الأن في نظر نفسي مثل قيافا وذنبي أصعب من أن يُحتمل .. لأني قبل أن ادخل الي دار رئيس الكهنة كنت تلميذًا أما الأن فأنا مع الناكرين .. لقد أنكرت النور، وها أنا واقف في الظلمه الان .. لقد ابغضت النهار وأحاطني الليل من كل الجهات .. من يعطيني الآن أن اتألم معه وأمحي ذنبي .. ليتني أجد فرصه لأحتمل معه الأهانة والشتم والأضطهاد
 
وفيما دخل الضيق الي نفسه وطمره من كل الجهات ولما كان ندمه شديدًا مثُلت أمامه النعمه قائلة: هلم يا سمعان وإجلب دموع التوبة وابك ولا تهدأ .. جرحك عظيم وهذا يتطلب توبة عظيمة .. هلم نذهب عند العدالة لتضع توسلات امامها .. خذ لك الدموع رفيقه وإدخلها معك .. عطر البكاء وبدل البخور اضرم التنهدات فنار الاثم لا تطفئها سوى التوبة وخذ معك الرجاء ايضًا رفيق حتى تكمل توبتك ولا يعرقلها يأس مُميت ..
 
خرج سمعان وبكى بكاءًا مرًا وربما ايضًا صلى قائلًا: ربي ... ها أمواج الأثم أحاطت بي واغرقتني فتعال وانقذني كما انت معتاد .. ربي هب لي أن أتجاسر وأقول: تعال وإظهر حنانك فئ انا الذي اقترفت ذنب عظيم .. لقد نبع فئ جرح الإنكار وها انه يؤلمني فتعال أيها الطبيب الحقيقي واسكب علئ دواءك لاُشفي به .. حقًا ركع سمعان على عتبة مراحم الأبن وهو يصرخ لتفتح لجاجته باب الرحمة .. حقًا استطاعت التوبة ان تُسكت عنه يأس التجربة ورعد هذا الإنكار العظيم .. حقًا كاد سمعان أن يفقد حياته بالإنكار ولكنه بالتوبة عاد الي مرتبته وصار بطرس الصخرة القوية الذي سيُصلب بعد أن يملأ الدنيا بكرازته ويؤمن بواسطته الكثيرين ..
 
حقًا " التوبةُ هي ترياقٌ لأوجاعِ الخطيةِ القاتلة، وعذابٌ عظيمٌ للشيطانِ مضادها. إنها تُخلِّصُ وتعتق المسبيين الذين سُبوا بشرِّهِ، وأتعابُه التي تعبها في سنين كثيرةٍ، تُضيِّعها التوبةُ في ساعةٍ واحدةٍ، والعبيدُ الذين بمشيئتِهم أخضعوا حريتَهم له، تعيدُهم إلى ميراثِهم، وتعذِّب مَن خدعوهم. زرعُ الشوكِ الذي زُرع بأرضنا، ورُبيَ بحرصٍ في سنين كثيرةٍ، في يومٍ واحدٍ تحرقه، وتطهِّر أرضَنا، حتى تعطي أثمارَ ثلاثين وستين ومائة". القديس يوحنا سابا