الأقباط متحدون | الإخوان والأقباط: إشكالية إسلامية الوطن
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٣١ | الاثنين ٢٦ مارس ٢٠١٢ | ١٧ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١١ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الإخوان والأقباط: إشكالية إسلامية الوطن

ميدل إيست أونلاين | الاثنين ٢٦ مارس ٢٠١٢ - ١٢: ١٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 هناك ثلاث قضايا إشكالية ينبغي تجاوزها حتى يكون هناك حوار حقيقي وجاد، بين الإخوان المسلمين والأقباط، انطلاقاً من أن براغماتية العلاقة ليست المدخل الحقيقي لتجاوز ما هو مستقر في البناء الفكري، والعقل الجمعي، والموقف من هذه القضايا لا يستند إلى رفض مباشر للمرجعية الإسلامية التي يود الأخوان المسلمون أن تشكل إطاراً فكرياً لهم، ولكن تنبع في الأساس من وجود سقف اجتهاد إسلامي تجاوز الطرح الإخواني، وهو ما يشكل تحدياً للإخوان المسلمين عليهم التفاعل معه.

 
ينادي الإخوان المسلمون بأن يكون الوطن، والحكومة، والفرد مسلمين. وهو أمر واضح في كتاباتهم ومواقفهم منذ أطروحات الإمام حسن البنان، وحتى الوقت الراهن، وهو المنطلق الأساس لحركتهم ودعوتهم ومشروعهم السياسي.
 
يقول الإمام حسن البنا "إن الإٍسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، وسماحة وقوة، وخلق ومادة، وثقافة وقانون". هذا هو المنطلق الذي ساد منهج وخطاب وممارسة الإخوان المسلمين منذ نشأة الجماعة إلى الآن، نراه واضحاً في كل كتابات رموز الجماعة على مدار العقود الماضية.
 
الإسلام وطن وعقيدة في فكر الإخوان المسلمين. وحول العلاقة بين الوطنية والعقيدة، يحسم "سيد قطب" الموقف بقوله "والإسلام هو وحده القادر على تحقيق الفكرتين جميعاً، بلا تعارض ولا تصادم ولا مغالاة: فكرة الوطنية في الوطن الإسلامي الأكبر حيثما مد الإسلام ظله، وفكرة العدالة الاجتماعية الكاملة في هذا الوطن الكبير".
 
يتضح من هذا الاقتباس أن مفهوم "الأممية الإسلامية" التي تقوم على إنشاء وطن إسلامي كبير، يتخطي مفهوم الدولة القومية، أمر راسخ في أطروحات سيد قطب، وفي كتابات القيادات المهمة في جماعة الإخوان المسلمين، في هذا الصدد يذهب المستشار عبد القادر عودة إلى أن دار الإسلام هي الأرض التي يسكنها مسلمون وذميون، وهم لهم جنسية واحدة في الشريعة الإسلامية.
 
وإسلامية الوطن واضحة في أدبيات الإخوان المسلمين، ولا تحتاج إلى مزيد من الشرح، أو الإسهاب، فالدولة إسلامية، والوطن إسلامي، والحكومة إسلامية، وإذا عدنا إلى مشروع الميثاق الوطني الذي أعده الإخوان المسلمون نجد نصاً جلياً يثبت هذا الاتجاه ويرجحه، يؤكد الميثاق على أن "الأمة الإسلامية تدين بالعبودية لله- وحده- وتقدس أحكام القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وتؤمن بأن الناس لا يملكون الحكم إلا بما أنزل الله (تعالى) بمقتضى شريعة الإسلام". وإذا كان "القرآن الكريم والسنة المطهرة هما الدستور الأسمى ولا يعتد، ولا يقبل ما خالف أيهما- فإن الأمة لابد أن يكون لها دستور مكتوب تستنبط أحكامه من نصوص الشريعة الغراء، ثم من مراميها، وغاياتها وقواعدها الكلية".
 
يتفق ذلك مع نص صريح ورد في أحد المؤلفات المهمة في البناء الفكري للإخوان المسلمين هو "دعاة لا قضاة"؛ فيذكر المرشد العام للإخوان المسلمين، المستشار حسن الهضيبي، أن "الحكومة الإسلامية "أو الإمام الحق" إنما هي الحكومة التي تعتنق الإسلام ديناً، وتقوم على تنفيذ أحكام الشريعة، وحراسة الدين".
 
وفق هذا النص فإن الحكومة لابد أن يكون لها دين هو الإسلام، تعتنقه عقيدة، وليس مجرد إطار حضارة أو نظام إسلامي في السياسة والإدارة، ويكفي النظر إلى الأسس والمنطلقات التي وردت في صدارة مبادرة الإخوان المسلمين للإصلاح السياسي عام 2004 لنتبين تواصل الخط الفكري المعبر عن هذا النهج طيلة ما يقرب من ثمانين عاماً، تنص المبادرة على أن الإخوان المسلمين لهم مهمة محددة هي "العمل على إقامة شرع الله... من خلال تكوين الفرد المسلم، والبيت المسلم، والحكومة المسلمة، والدولة التي تقود الدول الإسلامية، وتقيم شتات المسلمين، وتستعيد مجدهم...".
 
إذن نحن بصدد مشروع إسلامي للدولة والمجتمع، بكل ما تشمل، والعمليات السياسية والمجتمعية التي تدور فيهما، وكذلك طبيعة العلاقة بين المواطنين بها على اختلاف أديانهم ومذاهبهم ومشاربهم السياسية والفكرية.
 
تأتي قضية المواطنة في قلب الحديث عن إسلامية الدولة. ففي أدبيات الإخوان المسلمين تسمو رابطة العقيدة على رابطة الوطن، وهم في هذا يسيرون على النهج الذي أرساه الإمام حسن البنا الذي قال في إحدى رسائله مخاطباً الأخ الإخواني: "فاعلم- أيدك الله- أن الإخوان المسلمين يرون الناس بالنسبة إليهم قسمين: قسم اعتقد ما اعتقدوه من دين الله وكتابه وآمن ببعثة رسوله وما جاء به، وهؤلاء تربطنا بهم أقدس الروابط، رابطة العقيدة وهي عندنا أقدس من رابطة الدم والأرض، فهؤلاء هم قومنا الأقربون الذين نحنُّ إليهم ونعمل في سبيلهم ونذود عن حماهم، ونفتديهم بالنفس والمال، في أي أرض كانوا ومن أية سلالة انحدروا...".
 
يتعارض هذا الطرح مع نموذج الدولة القومية الذي يستند إلى رابطة الأرض وليس العقيدة؛ ويجعل من المواطنة أساساً لتولي المواقع العامة، وهي دولة تمارس نشاطها على بقعة جغرافية محددة، لها حدود، وقواعد لمنح جنسيتها لأبنائها والراغبين في الحصول عليها. في هذا النموذج ترتبط المواطنة بالإقليم الجغرافي، أما المواطنة في النموذج الذي يطرحه الإخوان المسلمون ترتبط بالعقيدة أولاً، وتتسامى على الحدود الجغرافية، لا تعتد بها، تنساب وتتدفق لتشمل بين طياتها ما نطلق عليه "الأممية الإسلامية".
 
لا يختلف الأقباط بشأن طرح الدولة القومية الحديثة، ويرون أنفسهم شركاء في صناعتها من خلال نضالهم المشترك مع المسلمين- شركاء المواطنة في مواجهة المحتل الأجنبي، واقتناص الاستقلال الوطني، واختراق حاجز السلطة معاً- مسلمين ومسيحيين على حد تعبير الراحل الدكتور وليم سليمان قلادة. وهو المعنى الذي عززته أطروحات إسلامية مهمة قدمها كل من المستشار طارق البشري، والدكتور محمد سليم العوا.
 
اللافت، أنه في الوقت الذي يتحدث فيه خطاب الإخوان المسلمين عن "الأممية الإسلامية"، وهتف الإخوان المسلمون أنفسهم عند زيارة رئيس وزراء تركيا رجب طيب أوردغان لمصر عقب ثورة 25 يناير داعين إلى الخلافة الإسلامية، فإن برنامج حزب "الحرية والعدالة"، المعبر عن الإخوان المسلمين قدم أطروحته الأساسية حول الدولة المصرية، وهو ما يجعل هناك حالة من الالتباس في هذا الخصوص، وهي كيف يتلاقى على مستوى الجماعية الأممية الإسلامية مع الخصوصية القومية على المستوى الحزبي؟!
 
(على أية حال) يصعب الفصل، عند الحديث عن المواطنة في منظور الإخوان المسلمين، عن نظرتهم العامة إلى "إسلامية الوطن". فإذا كان الوطن إسلامياً، فإن المواطنة يجب أن تكون إسلامية، أي للمسلم، أما غير المسلمين فهناك التباس حول الموقف منهم.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :