بقلم: النائبة السابقة نادية هنري
في حلقة بُثت على قناة “القاهرة والناس”، وجهت المذيعة هند الضاوي اتهامات مباشرة لعدد من المواطنين المصريين من أتباع الكنائس الإنجيلية، زاعمة أنهم أسسوا أكاديمية رقمية سرية لتدريب الشباب، وأن هذا التدريب يهدف إلى دعم إسرائيل ومساندتها في سياق الصراع الحالي.
 
 
هذه الاتهامات الجسيمة تم تداولها دون تقديم أي دليل رسمي أو مستند موثق، مما يجعلها ادعاءات خطيرة تمس مواطنين مصريين على أساس انتمائهم الديني.
 
إن مثل هذا الخطاب يخالف صراحة أحكام الدستور المصري، خاصة المادتين (53) و(64) اللتين تكفلان مبدأ المساواة بين المواطنين وعدم التمييز على أساس الدين، وتحميان حرية الاعتقاد والممارسة الدينية.
 
كما أن هذه الاتهامات – إذا ثبت عدم صحتها – قد تقع تحت طائلة قانون العقوبات المصري، وتحديدًا المادتين (98 و) و(102 مكرر) اللتين تجرمما التحريض على الكراهية الطائفية، وبث الأخبار الكاذبة التي من شأنها تكدير السلم العام أو الإضرار بالمصلحة العليا للبلاد والوحدة الوطنية.
 
 
ونؤكد أن اختصاص تحريك الدعوى الجنائية يعود حصريًا للنيابة العامة، ومن ثم نناشد سيادة المستشار النائب العام اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك فتح تحقيق عاجل في الوقائع المنسوبة للمذيعة هند الضاوي، وإحالتها إلى المحكمة المختصة إذا ثبت ارتكابها أيًا من الجرائم المشار إليها، وفقًا للقانون.
 
وفي الوقت نفسه، نؤكد مسؤولية القناة المالكة أو المشغلة للمنصة الإعلامية عن كل محتوى يُبث من خلالها، استنادًا إلى أحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام رقم 180 لسنة 2018، الذي يلزم المؤسسات الإعلامية باحترام الدستور، ويحظر بث أو نشر ما يتضمن تمييزًا أو تحريضًا على الكراهية أو مساسًا بالوحدة الوطنية، ويحمّلها المسؤولية القانونية والمهنية الكاملة عن المحتوى المقدم.
 
 
إن حرية الإعلام حق دستوري مقدس، لكنه لا ينفصل أبدًا عن المسؤولية القانونية والأخلاقية. واستخدام المنصات الإعلامية لإطلاق اتهامات عامة غير مدعومة بأدلة، ومبنية على أساس ديني، يُعد إخلالاً خطيرًا بواجبات المهنة، ويشكل خطرًا مباشرًا على السلم المجتمعي وتماسك النسيج الوطني المصري.
 
 
الفتنة ليست رأيًا، والوحدة الوطنية خط أحمر لا يجوز المساس به تحت أي ذريعة.