محرر الأقباط متحدون
أدلى المتروبوليت أنطوني، مطران فولكولامسك ومسؤول دائرة العلاقات الخارجية ببطريركية موسكو، بتصريحات مطوّلة تناول فيها ما اعتبره الدوافع الرئيسية التي قادت قداسة البطريرك المسكوني برثلماوس إلى اتخاذ قرار إنشاء ما يُعرف بـ«الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا (OCU)»، وذلك خلال مقابلة تلفزيونية بُثّت ضمن برنامج «الكنيسة والعالم».
 
وقال المتروبوليت أنطوني إن أول هذه الدوافع يتمثّل في الضغط الخارجي، موضحًا أن البطريرك برثلماوس كان، بحسب تعبيره، «خاضعًا لتأثير قوي من جهات معيّنة»، مضيفًا أن العلاقات بين الفانار وبعض الدوائر الأميركية تعود إلى فترة سابقة، ولا سيما إلى عهد البطريرك أثيناغوراس، الذي على حدّ قوله نُقل إلى إسطنبول على متن طائرة الرئيس الأميركي هاري ترومان، ما يعكس خلفية سياسية قديمة تحيط بدور الفانار على الساحة الدولية.
 
وأشار المتروبوليت أنطوني إلى أن الدافع الثاني يرتبط بما وصفه بـالضغينة الشخصية التي نشأت عقب غياب عدد من الكنائس المحلية عن المجمع الأرثوذكسي الذي عُقد في جزيرة كريت بدعوة من البطريرك برثلماوس
 
وقال في تصريح لافت:
«قداسة البطريرك برثلماوس وهذا ليس سرًا تحرّك بدافع شعور غير مسيحي تمامًا، هو الانتقام، وقد عبّر عن ذلك مرارًا».
وأوضح أن غياب بعض الكنائس، ومن بينها بطريركيتا أنطاكية وأورشليم، كان مرتبطًا بقضايا كنسية عالقة، فيما جاءت الكنيسة الروسية في نهاية قائمة الكنائس التي لم تشارك في المجمع. 
ومع ذلك بحسب المتروبوليت أنطوني اعتبر البطريرك برثلماوس أن بطريركية موسكو هي الجهة التي سعت إلى إفشال المجمع ومنعه من أن يكون جامعًا لكل الكنائس الأرثوذكسية. 
وأضاف:
«لقد استخدم البطريرك برثلماوس كلمة “الانتقام” عند حديثه عن رد فعله على انعقاد مجمع لم يحظَ بالطابع الأرثوذكسي الشامل، وهو ما جعل الشعور الشخصي بالمرارة عاملًا أساسيًا دفعه لاحقًا إلى التدخل في الشأن الكنسي الأوكراني».
أما الدافع الثالث، فقد وصفه المتروبوليت أنطوني بأنه «طموحات بابوية»، معتبرًا أن البطريرك برثلماوس بدأ ينظر إلى نفسه بوصفه «بابا العالم الأرثوذكسي»، وينسب إلى ذاته على حدّ تعبيره امتيازات لا وجود لها في التقليد الأرثوذكسي
 
وقال في هذا السياق:
«إنه يرى نفسه صاحب سلطة مطلقة في العالمالأرثوذكسي، يحق له إلغاء قرارات تعود إلى قرون طويلة، ومنح الاستقلال الكنسي أو سحبه، وإعادة أشخاص مخلوعين من الرتبة الكهنوتية، بل وحتى قبول علمانيين لم يُرسموا قانونيًا كأساقفة وكهنة».
 
وأضاف المتروبوليت أنطوني أن مثل هذه الممارسات تؤدي، برأيه، إلى حالة من الفوضى داخل الكنيسة الأرثوذكسية، وتثير رفضًا حادًا وواسع النطاق لما يقوم به البطريرك المسكوني، معتبرًا أن هذه السياسات تهدد وحدة الجسد الكنسي الأرثوذكسي.
 
وفي سياق حديثه، أشار المتروبوليت أنطوني إلى أن البطريرك برثلماوس «يدرك في داخله عدم جدوى القرار المتخذ بشأن أوكرانيا»، لافتًا إلى ضعف
 
الحضور الرهباني داخل الكيان الكنسي الجديد، حيث قال:
«في كل هذه الكنيسة المسماة OCU، لا يوجد عدد من الرهبان يكفي لملء دير كييف-بيتشيرسك لافرا وحده».
 
كما شدد المتروبوليت أنطوني على أن عددًا من الكنائس المحلية والأساقفة طالبوا مرارًا بعقد مجمع أرثوذكسي جامع لمناقشة القضية الأوكرانية بشكل مشترك، إلا أن هذه الدعوات قوبلت، بحسب قوله، برفض متكرر من قبل البطريرك المسكوني. 
 
وقال في هذا الإطار:
«كل محاولاتنا ونداءاتنا المتكررة لبدء نقاش أرثوذكسي جامع حول ما يحدث تُقابل بمقاومة شديدة من البطريرك برثلماوس، لأنه يدرك أنه إذا اجتمع الجميع، فسيتعيّن عليه الإجابة عن أسئلة محرجة للغاية، لا يملك لها على الأرجح إجابات مناسبة».
 
ويأتي هذا الموقف في ظل استمرار الانقسام الحاد داخل العالم الأرثوذكسي على خلفية الأزمة الأوكرانية، وسط تزايد الدعوات إلى العودة لمنهج الحوار المجمعي والالتزام بالتقليد الكنسي المشترك، باعتباره السبيل الوحيد لمعالجة الخلافات والحفاظ على وحدة الكنيسة الأرثوذكسية الجامعة.