الديموجرافيا والتعليم في مصر
أكرم ألفي
تراجع عدد المواليد في مصر من 2.7 مليون في 2014 إلى نحو 1.9 مليون في 2024 بانخفاض يقترب من 800 ألف طفل خلال 10 سنوات هو مدخل رئيسي لفهم كيفية تطوير التعليم في مصر، فالعلاقة بين الديموجرافية والتعليم هي علاقة القلب بالوريد. ففهم التحولات الديموجرافية هو دليل صياغة استراتيجية التعليم في اي دولة لسنوات مقبلة.
العلاقة بين الديموجرافيا والتعليم لا تحتاج إلى توضيح فولادة 2.7 مليون طفل في مصر عام 2014 كان كان ترجمته دخول 2.378 مليون طالب مستجد في المرحلة الابتدائية بالعام الدراسي 2020/2021 وأدى انخفاض المواليد في 2019 إلى 2.382 مليون طفل إلى تراجع الطلاب المستجدين بالمرحلة الابتدائية إلى 2.033 مليون طالب بالعام الدراسي الحالي بانخفاض بلغ 345 ألف طالب في الصف الأول الابتدائي في مصر.
هذا التحول بدأ يؤتي ثماره بانخفاض طلاب المرحلة الابتدائية بالتعليم العام خلال العام الدراسي الحالي إلى 13.3 مليون مقابل 13.6 مليون العام الماضي وسينخفض العدد بالتدريج لنصل قبل 4 سنوات إلى نحو 13 مليون طالب بالمرحلة الابتدائية قبل 2030.
هذا التراجع في اعداد المستجدين بالصف الأول الابتدائي سيستمر خلال السنوات المقبلة، حيث سيتراجع عدد الطلاب المستجدين العام الدراسي المقبل إلى أقل من مليوني طالب.. هذا خبر سار جداً لوزارة التعليم ولكن الأهم هو كيف تستعد الوزارة لاستقبال عدد طلاب أقل خاصة في القاهرة والاسكندرية والمحافظات الحضرية بالحفاظ على الميزانية بل وزيادتها لتوفير تعليم أفضل وتخفيض كثافة الفصول والانتقال إلى مرحلة جديدة في التعليم الابتدائي بالمحروسة.
إن خروج وزير التعليم العام الدراسي المقبل لإعلان خفض كثافة الفصول بالمرحلة الابتدائية لن اعتبره انجازاً للوزارة بل انجازاً للديموجرافيا وسياسات خفض النمو السكاني، ما انتظره من الوزير في هذا الملف هو كيفية التعامل مع النمو الكبير للمستجدين في المنيا والبحيرة وسوهاج وزيادة الفصول الابتدائي في هذه المحافظات وخفض الكثافة بفصولها.
دائماً لدي السؤال هل تدرس وزارة التعليم التحولات الديموجرافيا وتخطط للعملية التعليمية وفقا لمسار النمو السكاني في بلدنا وعدد المواليد كل عام، فوزارة التعليم عندما تخطط لعام 2030 يجب أن تدرك أن عدد الطلاب المستجدين لن يزيد عن 1.8 مليون طالب اي بانخفاض نص مليون طالب في فصل دراسي واحد عن عام 2020/2021. السؤال الذي يحتاج لإجابة هو كيفية استغلال هذه الفرصة الذهبية في رفع كفاءة العملية التعليمية وبالتالي توفير قوة بشرية أفضل لمصر المستقبل.
في المقابل، فإن الديموجرافيا تدلنا على أن التحدي الرئيسي للعملية التعليمية في مصر ككثافة سيتركز خلال السنوات المقبلة في التعليم الإعدادي، فعدد طلاب التعليم الإعدادي في مصر ارتفع من 4.4 مليون طالب عام 2014/2015 إلى 6.7 مليون طالب في 2024/2025 ويتوقع أن يصل العدد إلى 7 مليون خلال عامين فقط.
إن تضاعف عدد طلاب المرحلة الاعدادية كترجمة للنمو السكاني الهائل خلال الفترة من 2010 إلى 2016 يمثل اختباراً لوزارة التربية والتعليم، حيث أن الدولة مطالبة بزيادة ضخمة في الميزانية المخصصة لهذه المرحلة وتوفير الفصول الدراسية للحيلولة دون ارتفاع كبير في الكثافة تقود إلى تراجع في جودة التعليم المنخفضة بالفعل بسبب انخفاض عدد المدرسين المؤهلين في هذه المرحلة الرئيسية لاعداد القوة البشرية في مصر.
إن نهاية الانفجار السكاني في مصر تطرح تحدياً للعملية التعليمية في مصر، فمعضلة الزيادة الكبيرة السنوية في الطلاب المستحدين تتلاشى تماماً وهنا فإن المجتمع سيحتاج ترجمة واضحة لتأثير هذا التراجع الكمي لصالح جودة التعليم. فتراجع النمو السكاني ليس معناه بقاء المعايير القديمة للتقييم لأداء المنظومة التعليمية بل صناعة معايير جديدة للتقييم.
نقلا عن المصرى اليوم





