كتبها Oliver
- الرب فى الهيكل يسكن و فى القلب يسكن فالقلب هيكل.هكذا علمنى زكريا الكاهن الشبعان.أنا ( شاموه) الرجل الذى نجاه الرب.سمعتم عنى فى رواية ( 1- بخور زكريا الكاهن) منذ أخذت زكريا من الهيكل إلي البيت يعدما اكمل خدمته و رأى رؤيا و أصابه السكوت .صرت خادمه أو قل تلميذه. صار لى فى صمته أباً روحياً.من ملامحه تعلمت دروساً بغير كلمة.
- خمسة أشهر منذ يوم الرؤيا و أنا أنتظر من زكريا الكاهن تفسيراً.أليصابات أكثر الوقت مختفية.حبلت فى شيخوختها كما سارة.كنت أقضى اليوم أصنع البخور مع أخوتي و عند المساء أذهب بيت العجائب عند زكريا الكاهن لأخدمه أو قل لأتأمل نعمة الله الغامرة.خمسة اشهر و الأسئلة في رأسي تدور و زكريا الكاهن فقط يومأ برأسه.و فمه لا يتوقف عن تمتمات كأنين الأسير.يقرأ الأسفار. يبتسم حيناً و يبكي حيناً.أنظر إلي سفر ملاخى الذى يقرأه.كان الحديث فى آخره عن عودة إيليا.سألت نفسي هل أخبره الرب أن إيليا عائد سريعاً؟ هل يأتي إيليا و يشفيه؟ هل سيبقي زكريا مخزن أسرار صامت؟
- تأثرت من حال زكريا الكاهن.صرت أستحسن السكوت مثله بل أخشي الكلام.بعض الأيام تجئ و تمضي و أنا أحملق فى الفراغ لا أدرى ماذا أقول و ماذا ينتظرنا.قلت فى نفسي هل ينزل إيليا إلى بيت زكريا؟هل تعود النار المقدسة بعدما غادرت الهيكل؟ هل يقوم الرب و يرحم صهيون؟ هل حان أوان الرأفة؟ تتراكم التساؤلات حين يكبر الإيمان و معه تزداد التعزيات.لولا زكريا و امرأته لقلت قد إنقرض التقى.
- اقترب الشهر السادس من نهايته.توكأ الشيخ على ذراعى و أخرجنى معه لنجلس على أريكة نضعها للضيوف خارج المنزل حتى نغسل أقدامهم.كل الأشهر لم أر ضيفاً أتى لزكريا فما باله يتهيأ لضيف هذا اليوم؟ هل يأتى إيليا اليوم؟أنا خائف منه إن أتى و خائف أيضاً لو خاب ظنى .أجلست زكريا و جلبت الماء لأغسل قدميه.كان الرجل مبتهجاً و كنت أنا متحيراً.لكنى فرحت حين جعلنى أغسل قدميه.هل سيخبرنى ببعض من معرفته؟ هل إبتدأ يثق بي؟ أنا لا أريد منه سوى رضاه عنى.
- طلب منى ان أغسل يدي و هو الذى صب الماء و أنا متعجب.ثم طلب أن أحضر سفر ملوك ثانى فأحضرته و أنا خائف لئلا يكون هذا آخر لقاء مع زكريا الكاهن.لكنه كأنما أحس بخوفى فربت على ظهرى و فتح السفر على ثانى إصحاح و أعطانى لأقرأ.فقرأت عن إصعاد إيليا.2مل2.كنت أتلجلج من الرعب.لأني لا أعلم ماذا يصير.يبدو أن الأمر عظيم و أن إيليا له دور .بقيت أقرأ ببطء و رعدة.و حين وصلت إلي الآية التي تقول عن يشوع أنه (رفع رداء إيليا الذى سقط عنه و وقف على شاطئ الأردن) أومأ لى بالتوقف فتوقفت و أغلقت السفر أما هو فخلع غطاء رأسه و أعطاني إياه و طلب منى أن أرتديه.فأخذت الغطاء مرتعباً و إرتديته.ثم أشار لى أن أسكب الماء كله عند عتبة البيت فسكبته.
- أخذنى فدخلنا و طاف بى كل أركان البيت.يدقق فى كل شيء.يشير لى أن أرتب الأسفار واضعاً كل شيء في موضعه.يخرج بي إلى قدام عتبة البيت ثم يدفعنى لأدخل به مجدداً.كان كأنه أسد ممسوك فى فخ.و أنا ممسوك من ذراعه بقوة لا تتفق مع عمره.فتح سفر إشعياء الإصحاح السابع و وضعه على منضدة.أشار لى أن أذهب إلى البئر و أجلب مياهاً جديدة.فذهبت و أنا مضطرب غير فاهم.جلبت الماء فوجدته واقفاً قدام الباب و فى يده قنينة طِيب ناردين.أنا أعرفها لأننا نشترى الأطياب كثيراً لصناعة البخور.لم أكن أعلم أن فى بيت زكريا الكاهن قنينة طيب كثير الثمن.طلب منى أن أضع طست الماء على الأريكة أما هو فوضع الطيب كله فيها.حملت الماء و قد بدا كعسل النحل حين إختلط بالطيب وضعته برفق على المتكأ.جلس الكاهن برهة و هو ينظر إلى كرسي المتكأ الضخم.ثم قام و أمسكني لنخرج و خرجنا . ينظر زكريا إلى فوق ثم يخطو بخطوات بطيئة للأمام .
- كان النسيم يحمل أصوات قادمة.شيئاً فشيئاً يظهر الضيف. كان هناك وادى يكشف القادمين إلى البيت. بدا لى أنها عذراء فى مقتبل شبابها .تلوح من بعيد .و سحابة تكسو البيت بصفاء عجيب .يسجد الشيخ قدام السحابة ,يلمح لى أن أسجد.فسجدت .قمنا من السجود بسرعة.ما زال زكريا لم يقل شيئاً لكن أفعاله تقول الكثير.
- اقتربت الضيفة و أنا إنزويت.لم اكن أعرف من تكون و ما سر زيارتها و لماذا هذه الإستعدادات ؟لكنى علمت فيما بعد و لم أصدق أننى كنت هناك .





