أكرم ألفى
زهرة الجنوب تواصل ابهاري كل يوم.. فحلم الطفولة تحقق مبكراً بزيارة أسوان في المرحلة الثانوية قبل 30 عاماً وتكرر مرتين بعدها أخرها العام الماضي في زيارة عائلية نجحت فيها في خطف ساعات قليلة للتجوال في شوارع أحد أجمل مدن المحروسة بزيارة شارع السوق القديم وشارع الشواربي..
زهرة الجنوب الجميلة ارتبطت بحياتي الخاصة فكان أول تعارفي على الغناء مع محمد منير ومحمد حمام وكان تراث النوبة حاضرة بقوة في حياتي إلى جاني احتفاظي بأعز الأصدقاء من أسوان والنوبة ..
حواديت أسوان والنوبة وتفاصيل عادات اهلها حاضرة دائماً في منزلنا بفضل صديقي المتمرد رامي..
وسط كل هذا كان ما يشغلني كيف نجح أهل أسوان في الحفاظ على تركيبة اجتماعية فريدة في المحروسة.. مجتمع المراة تمارس فيه دوراً قيادياً ويفرز أكثر من غيره قيادات سياسية نسائية ومرشحات في البرلمان رغم الانتماء الجغرافي للصعيد.
مجتمع يحترم في أغلبه المرأة بشكل فريد وتكاد تختفي به ظاهرة التحرش وظاهرة العنف الأسري ضد النساء.
مجتمع يصمم أكثر من اقرانه في جنوب مصر على تعليم بناته ولا يمانع في عمل النساء وفي نفس الوقت يقدس مؤسسة الزواج وبالتوازي لا يشجع على الانجاب بلا حساب..
معادلة أسوانية بامتياز صعب ان تراها في مكان آخر في المحروسة.. ولأن لغة الأرقام هي اللغة التي أفضلها..
فإن عدد سكان زهرة الجنوب اليوم يبلغ 1.718 مليون نسمة بزيادة لا تزيد عن 23 ألف نسمة عن بداية العام الحالي بنسبة نمو سكاني لا تزيد عن 1.4% وهو تقريبا معدل النمو السكاني في مصر وهو معدل النمو السكاني الأقل في صعيد مصر، حيث إن معدل الخصوبة في زهرة الجنوب لا يزيد عن 2.6 طفل لكل سيدة..
في المقابل فإن أسوان هي أعلى محافظات مصر في معدل الزواج بنسبة 14 حالة زواج لكل ألف نسمة مقابل 8.8 حالة زواج لكل ألف في مصر أي تقريبا ضعف متوسط معدل الزواج بالمحروسة..
وفي نفس الوقت فإن أسوان تضم 435 ألف طالب في التعليم العام وبحسب تقرير وزارة التعليم فإن نسبة الفتيات في المدارس تصل إلى نحو 50% أي أن تقريبا كل فتيات أسوان في سن التعليم يجلس في الفصول الدراسية بنسبة تزيد عن كافة محافظات الصعيد بل تزيد عن عدد من محافظات الوجه البحري مثل البحيرة.
معادل زهرة الجنوب تلفت نظري دائماً.. الحرص على تكوين الأسرة بعدد أطفال أقل واعتبار تعليم البنات وعملهم قضية محسومة .. أعلى نسب زواج في مصر واعلى نسبة تعليم للبنات في الصعيد وأقل معدل مواليد في الجنوب..
وتحية خاصة للصديق أحمد جمعة الذي شجعني على كتابة هذا البوست بسؤاله عن ارتفاع نسبة الزواج في زهرة الجنوب





