د. ممدوح حليم 

كم هي مؤثرة وعميقة تلك الكلمات التي كتبها الملك داود في سفر المزامير ، والتي تقول:

اختبرني يا الله واعرف قلبي. امتحني واعرف أفكاري. (المزامير ١٣٩: ٢٣)
                 اختبرني يا الله واعرف قلبي..... اعرف قلبي

إنه يطلب هنا من الله أن يعرف قلبه. يقينا هو يعرف أن الله يعرف كل شيء. لكن لماذا طلب من الله ذلك؟

بالرجوع إلى قاموس سترونج العبري/ الإنجليزي ، نجد أن الكلمة العبرية المترجمة هنا إلى القلب تعني في الوقت ذاته الإنسان الباطن بصفة عامة، وكذلك الإرادة والعقل....
وبصفة عامة يشير القلب في الكتاب المقدس انطلاقاً من اللغة العبرية إلى ما هو باطن في الإنسان. القلب هو مركز المشاعر والفكر وجوهر الإنسان....
وبالطبع هذه المعاني مجازية رمزية، فالقلب ما هو إلا عضو عضلي وظيفته ضخ الدم إلى جميع أنحاء الجسم ، ومن ثم هو منبع الحياة وأساسها فإذا توقف انتهت الحياة في الإنسان.

يود الملك داود أن يعرف الله كل ما في داخله ، أن تخترق أشعة محبته شغاف قلبه وسويدائه أي اعماق أعماقه من مناطق مظلمة ومناطق لا يراها أحد ، بل قد لا يدركها الإنسان نفسه على مستوى الوعي.

إنه يتطلع إلى أن يعرف الله قلبه بكل ما يحمله فعل  يعرف من أبعاد  واسعة في اللغة العبرية، حيث يحمل هذا الفعل معنى الدخول في تواصل عميق وثيق مع من تعرفه ، بكل ما في ذلك من فهم وإدراك وتمييز لمن تعرفه ، وهي معرفة تأتي من خلال الخبرة وليس بالذهن فقط.
ادعوك أن تطلب من الله أن يعرف قلبك و دواخلك بما في ذلك إرادتك وعقلك ومشاعرك حتى تصبح أكثر فهما لذاتك وللآخرين فتصبح سعيدا