محرر الأقباط متحدون
 في مأساة جديدة تضاف إلى سلسلة من الاعتداءات الدامية التي تطال أبناء الكنيسة الأرثوذكسية في إثيوبيا، أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية التوحيدية الإثيوبية عن استشهاد أكثر من خمسةٍ وعشرين مدنيًا أرثوذكسيًا خلال شهر أكتوبر المنصرم، في هجمات متفرقة شهدتها منطقة أرسي الشرقية بإقليم أوروميا.

وجاء ذلك في بيان رسمي صادر عن دائرة العلاقات العامة بالكنيسة بتاريخ 29 أكتوبر 2025، أوضحت فيه أنّ الضحايا هم من أبناء الكنيسة ومؤمنيها في تلك المنطقة، وقد قُتلوا في أوقات وأماكن مختلفة خلال الشهر ذاته، مؤكدةً أنّها جمعت المعلومات من خلال شبكة الأبرشيات والرعايا التابعة لها.

وقالت الكنيسة في بيانها: “تؤكد تقاريرنا الموثقة أنّ أكثر من خمسةٍ وعشرين إنسانًا بريئًا قد قُتلوا خلال شهر أكتوبر وحده، من بينهم ضحايا في منطقتي هونقولو وابي وميرتي نا غونا.”

وأضافت أنّها تلقت في 28 أكتوبر تقريرًا يُفيد بمقتل خمسة أفراد من عائلة واحدة في منطقة هونقولو وابي (سيلتانا)، مشيرةً إلى أنّها ستقدّم التفاصيل الكاملة للجهات المختصة سعياً للعدالة وكشف الحقيقة.

 ونقل مصدر كنسي محلي لصحيفة Addis Standard أنّ ثلاثة مدنيين قُتلوا وأربعة آخرين اختُطفوا في ما وصفه بأنه هجوم بدافع ديني نفّذه “مسلحون مجهولون” مساء الإثنين 27 أكتوبر 2025 في منطقة هيلا زيبابا – شيركا ويردا من أرسي الشرقية.

وأوضح المصدر – الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية – أنّ المهاجمين اقتحموا منازل الضحايا واقتادوهم إلى الخارج قبل أن يُطلقوا النار عليهم “بطريقة وحشية”، مشيرًا إلى أنّ مثل هذه الهجمات بدأت منذ عام 2021، وازدادت حدّتها خلال السنوات الأخيرة، لتسفر حتى الآن عن مقتل نحو 190 شخصًا في المنطقة ذاتها.

وتمّ تحديد هوية الضحايا الثلاث الذين استُشهدوا في الهجوم الأخير وهم: ماموش دِربيه، وتيغست جيما، وجيزاو كيتِما، وقد أُقيمت جنازتهم يوم الثلاثاء 28 أكتوبر في كنيسة زمبابا أرسِما، فيما اختُطف أربعة آخرون وهم: أستاتكي دِربيه، وكيتِما تِكلو، وبَهَيلو أبيبايو، وسيساي كيتِمه.
 وتأتي هذه الاعتداءات بعد عام واحد فقط من الهجوم الدموي الذي استهدف قرية تيجو في مقاطعة أسِكو – منطقة أرسي – بتاريخ 13 أغسطس 2024، والذي أسفر عن مقتل ستة مدنيين، بينهم كاهن، على يد مجموعة مسلّحة تُعرف باسم “شاني”، وهو الاسم الذي تطلقه الحكومة على جيش تحرير أورومو (OLA).

وقد خلّف ذلك الهجوم دمارًا واسعًا في المنازل ونهبًا للماشية، وأجبر مئات السكان على اللجوء إلى كنيسة القديس ميخائيل التي تحوّلت آنذاك إلى ملجأ للمشرّدين رغم انعدام الغذاء والدواء.

 وفي تطوّرٍ يثير الاستغراب، لم تُصدر الحكومة الإثيوبية حتى اللحظة أيّ بيان رسمي بشأن المجزرة الأخيرة، رغم أنّ رئيس الوزراء آبي أحمد كان يُشارك في فعاليات عامة على بُعد كيلومترات قليلة من موقع الحادث، بحسب ما أفاد الصحفي تيكلي ميكائيل.

كما لم يُعلّق المجمع المقدّس للكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية رسميًا على الأحداث، رغم انعقاده مؤخرًا في إطار زيارة رسمية لمشروع حكومي يُعرف باسم “مشروع تطوير الممرّات”، ما أثار استياءً واسعًا بين المؤمنين الذين طالبوا بموقفٍ كنسي واضح يُعبّر عن تضامن الكنيسة مع أبنائها المتألمين.

 في مواجهة هذا الألم العميق، أكدت الكنيسة أنّها تقف إلى جانب أبنائها المتألمين، مذكّرةً بأنّ دماء الشهداء لم تُسفك عبثًا، بل هي “بذار الإيمان والرجاء في أرضٍ عطشى للسلام.”

وقالت في بيانها الروحي:
“لقد سالت دماء الأبرياء لا لذنب ارتكبوه، بل لأنّهم ظلّوا ثابتين في إيمانهم الأرثوذكسي. ونحن نؤمن أنّ الرب الإله سيجعل من هذه الدماء طريقًا للقيامة، ونورًا يشهد للمسيح وسط الظلمة.”

إنّ الكنيسة الأرثوذكسية في إثيوبيا، وهي تتألّم مع عائلات الشهداء وتصلّي من أجل المفقودين، تدعو جميع المؤمنين في الداخل والمهجر إلى الاتحاد في الصلاة من أجل السلام والعدالة، وإلى التمسك بالرجاء القائم على وعد الرب القائل:

“طوبى للمضطهدين من أجل البرّ، لأنّ لهم ملكوت السماوات.” (متى 5:10)
ولتكن ذكراهم مؤبدة.

وليعزِّ الله قلوب ذويهم، ويمنح إثيوبيا سلامًا راسخًا وعدلًا حقيقيًا.