نادر شكري
جبل عامر شمال دارفور يعدّ من المناطق الغنية بالذهب في السودان، ولعب التعدين هناك دورًا مهمًا في زعزعة الاستقرار وتحويل النزاعات المحلية إلى منافسات مسلحة على السيطرة الاقتصادية.
 
لكن ترجمة ذلك إلى عبارة «سبب الحروب والمجازر منذ 1999» مبسطة وتحتاج تصحيحاً: النزاع المسلح في دارفور تفجّر بصورة واضحة عام 2003، بينما ولّدت أنشطة التعدين في العقد الثاني من الألفية عوامل إضافية للأزمة، وخاصة مع توسع أطراف مسلحة في استغلال الموارد. المصادر الدولية تُجمع على أن الذهب عاملٌ مُغذٍ للنزاع، لكنه وحده ليس المسبب الحصري. 
 
السياق الزمني: متى بدأ الصراع بالفعل؟
الانفجار المسلّح الواسع في دارفور الذي يُعرف بـ«حرب دارفور» بدأ علناً في 2003 حين تحوّل تمرد جماعات مسلحة إلى مواجهة مع جهاز الدولة وردّ عليها حملات عسكرية وأعمال عنف واسعة، وهو ما أقرّت به تقارير الأمم المتحدة والتحقيقات الدولية. لذلك ذكر سنة 1999 كبدء للصراع الكامل غير دقيق ويحتاج تصحيحًا زمنياً. 
 
جبل عامر: موقع، طبيعة تعدين، وإنتاج
جبل عامر (Jebel Amer/Jebel Amir) في شمال دارفور معروف بتركيزات ذهبية وبتعدين سطحي في مناطق واسعة، الأمر الذي سهّل دخول منتجين حرفيين ومجموعات مسلحة على حد سواء. وجود خامات قريبة من السطح يجعل الاستخراج سهلاً نسبياً، وهو ما أثار زحف آلاف المنقبين ومجموعات تجارية وعسكرية إلى المنطقة. 
 
حول رقم 50 طناً في 2023: هناك تناقض في الأرقام بين تقديرات وسائل إعلام ومصادر محلية وأرقام رسمية تُظهر أرقام إنتاجية وطنية مرتفعة (مثلاً تقارير عن إنتاج السودان الكلي وصل إلى نحو 64 طناً في 2024 وفق إحصاءات متداولة). لكن الادعاء بأن جبل عامر وحده أنتج 50 طناً في 2023 يفتقد إلى توثيق مستقل واضح؛ بعض التقارير الصحفية استشهِدت بتقديرات مماثلة لكن باختلافات كبيرة بين مصدر وآخر. لذلك يجب التعامل مع رقم 50 طناً بحذر واعتباره «تقديراً» لا «حقيقة مثبتة» ما لم تتوافر بيانات رسمية مفصّلة. 
 
من يتحكّم بمنابع الذهب؟ دور «حميدتي» والـRSF
تقارير دولية وصحفية وثّقت أن قوات شبه نظامية مرتبطة بمحمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي)، ثم إطارها التنظيمي الحديث الـRSF، سيطرت على أجزاء من مناطق التعدين عام 2017 وما بعدها، واستفادت من العائدات لتقوية مواقعها السياسية والعسكرية. هذا الوجود المسلح حول المناجم جعل موارد التعدين مصدر تمويل مهمًا للأطراف المسلحة. مع ذلك، حالة السيطرة والنفوذ قابلة للتغيير بتبدل خرائط الحرب والاتفاقات المحلية. 
 
لماذا يزيد الذهب من حدة الصراع؟
عناصر توضّح لماذا الذهب يغذّي الصراع: سهولة الاستخراج (تعدين سطحي) تدفق منقّبين/مجموعات تجارية  ثروة يمكن تحويلها سريعًا إلى تمويل مسلح → تنافس بين قبائل، تجار، وقوات مسلحة. تقارير بحثية وتحقيقات أكدت أن الاقتصادات المحلية القائمة على الذهب خلقت «حوافز قوية» للسيطرة القسرية، وهو ما زاد تعقيد النزاع الذي له جذور سياسية وعرقية واجتماعية. 
 
الأرقام الوطنية والإنتاج الكلي (سياق لرقم جبل عامر)
بحسب تقارير حكومية وتحليلات إخبارية لعامي 2023–2024، سجّل السودان زيادة كبيرة في الإنتاج الذهبي الكلي، ووُردت أرقام تقريبية مثل حوالي 64 طناً إنتاجًا في 2024 على مستوى البلاد، لكن التفصيل الجغرافي حسب منجم محدّد يبقى غير متوافر بدقة بسبب التعدين غير المنظّم والتهريب. لذلك المقارنة بين «إنتاج جبل عامر» وإجمالي الدولة تحتاج بيانات رسمية مفصّلة. 
البُعد الإنساني والحقوقي