محرر الأقباط متحدون
لمناسبة افتتاح السنة الأكاديمية الجديدة في الجامعة الأوربانية الحبرية وجه البابا لاون الرابع عشر رسالة إلى الكاردينال لويس تاغل رئيس الصرح الأكاديمي، سلط فيها الضوء على الرسالة التي أوكلت إلى الجامعة منذ نشأتها، والتي تشكل جزءاً لا يتجزأ من رسالة الكنيسة التبشيرية، ولفت إلى أن رسالة الجامعة لا تقتصر على قاعات الدراسة والمناهج الأكاديمية إذ لا بد أن تهدف إلى خدمة الشعوب، لاسيما تلك التي تتوق إلى الرجاء والمحبة والحرية والحقيقة.

استهل الحبر الأعظم رسالته معرباً عن تحياته القلبية لأساتذة الجامعة وطلابها وموظفيها، لمناسبة افتتاح السنة الأكاديمية تزامناً مع الحج اليوبيلي. وكتب أن هاتين المناسبتين تكتسبان أهمية كبرى نظرا لبداية موسم جديد من الدراسة والبحث والنمو، ما يمثل محطة هامة في المسيرة التكوينية والروحية. وتوقف البابا في هذا السياق عند ما قاله القديس أغسطينس بشأن الدراسة لافتا إلى أنها تشكل أداة للارتقاء بالنفس نحو الحقائق الخالدة. من هذا المنطلق ينبغي ألا يُنظر إلى الدراسة على أنها ممارسة فكرية بحتة، بل يجب أن نعتبرها مسيرة تقود نحو الحكمة حيث هناك الحقيقة التي نبحث عنها والله الذي يكشف عن ذاته لنا.

تابع لاون الرابع عشر يقول إن رسالة كل جامعة اليوم تتخطى حدود قاعات الدراسة والمناهج لتمتد نحو خدمة الشعوب، خصوصا في الأماكن حيث ينتظر الأشخاص الاستماع إلى كلمة رجاء ورؤية أعمال المحبة، وأدلة للحقيقة، وضمانات للحرية. وأضاف أن هذا الواقع ينطبق بشكل خاص على الجامعة الأوربانية الحبرية التي تشكل تتمة للمعهد الأورباني الحبري، وتعكس بالتالي منذ أربعمائة سنة هوية تحمل البصمة الإرسالية للكنيسة الجامعة.

مضى الحبر الأعظم إلى القول إن هذه الجامعة ومنذ بداياتها تشكل جزءاً لا يتجزأ من المجمع المقدس لنشر الإيمان، والذي بات يُعرف اليوم بالدائرة الفاتيكانية للكرازة بالإنجيل، وقد أبصرت الجامعة النور من أجل خدمة الرسالة التي أوكلها الرب إلى كنيسته، ألا وهي إعلان بشارة الإنجيل حتى أقاصي الأرض. وأشار البابا في هذا السياق إلى تجذّر ماضي الجامعة وحاضرها وتاريخها في خصوبة الخدمة الكنسية، التي تُعاش كهبة وكواجب أيضا.

هذا ثم قال لاون الرابع عشر في رسالته إلى أساتذة وطلاب وموظفي الجامعة الأوربانية الحبرية إن جماعتهم الأكاديمية هي علامة حية لطابع الكنيسة الكوني، لأنها تتألف من رجال ونساء قادمين من مختلف أنحاء العالم بلغاتهم وثقافاتهم وقناعاتهم المتنوعة، لكن ما يوحدهم هو الإيمان نفسه. وشدد على أن هذا التنوع لا يفرّق بين الأشخاص، بل يشكل مصدر غنى، ولا يولّد الارتباك بل التناغم. إنها شركة لا تسعى نحو التجانس والاستقطاب، بل تؤدي إلى الاندماج، لأن جميع المعمدين هم جسد واحد في المسيح. وإذا ما جذبنا الرب، الذي هو مصدر الشركة، نتمكن من بناء أخوة أصيلة تنفتح بسخاء على العالم، وعلى جراحاته وتحدياته وآماله.

بعدها عبر البابا عن سروره لتقديم نتائج المؤتمر الدراسي المخصص للمجمع الصيني  Concilium Sinense الذي التأم في شانغهاي في العام ١٩٢٤، وذلك خلال افتتاح السنة الأكاديمية في الجامعة الأوربانية الحبرية، وقال إن ذلك المجمع شكل إنجازا كبيراً في تاريخ الكنيسة في الصين وشهد بوضوح لجرأة الجماعة المسيحية القادرة على الانخراط ضمن السياقات التاريخية – الثقافية المختلفة، محافظة في الوقت نفسه على أمانتها لهويتها.

في الختام شاء لاون الرابع عشر أن يوجه كلمة شكر إلى رئيس الجامعة الكاردينال لويس أنتونيو تاغل والجسم التعليمي وجميع العاملين فيها، متمنياً أن تُعاش هذه السنة الأكاديمية الجديدة بتفانٍ حيال الطلاب الذين ينتظرون منهم مرافقة أخوية في حياتهم اليومية. بعدها سأل البابا للجميع هبة الروح القدس، وأوكل الجماعة الأكاديمية كلها إلى شفاعة العذراء مريم الوالدية، نجمة الكرازة بالإنجيل. ثم منح الكل فيض بركاته الرسولية.