القمص رويس الجاولي
تشكو وتئن ، تبكي وتتباكى ، تحكي وتتحاكى ، عن ظالميك .. فمن الذي ظلمك أيها الظالم لنفسك . أظلمتك الطبيعة فقست عليك هذه التي سخرها الله وأخضعها لتكون في خدمتك ..
أهي الشمس فحجبت ضوءها عنك رغم كل ما فعلته بها بنفاياتك وعوادمك فاشتدت حرارتها عليك ومع ذلك مازالت تعطيك ضوءها وحرارتها .. أهو القمر المسكين أم الكواكب المبتعدة عنك لتخدمك وتحفظ توازنك على الأرض وتلجم البحار على ألا تبتلعك بمدها وجزرها .. أهو النيل الخالد الذي يجري فينا جريان الدم في الأوردة والشرايين رغم إطلاق قاذوراتك وصرفك الغير صحي عليه وتضييق الخناق عليه فكاد أن يهرب منا لآخرين أو يتوقف عند حدودك ..
ألم تعطك الأرض قوتها رغم كل ما فعلته ومازلت تفعله بها فقد أفسدتها بعبثك ومشيك عليها مختالا ومحتالا على الرفات والأحياء .. أ لعله الحيوان الأعجم الذي أخضعه الله لك واظهر طبيعته لك ، ولولا عصيانك لما هاج عليك واستعلى فقد كنت سيده الأعظم ومعطيه الاسم الأليق وكنت جليسه وأنيسه تستأنس بعواء الذئاب وزئير الأسود، حتى تجردت من آدميتك وأصبحت ادني مما كنت عليه .. مًن من هؤلاء قتلك أو أباح دمك وأنت في الحقل بعرق الجبين لتأكل خبزاً حلالاً ...
من الذي باعك في سوق النخاسة كعبد واتهم الذئاب والوحوش بأكلك وهم من دمك براء وصارت الوحوش مثلا للبراءة من دم ابن يعقوب من الذي يجردك من ابسط حقوقك ويمنعك منها ويحجر عليك أن تمارس ابسط حقوقك وإذا إحتجيت صرت مذنبا بل زنديقا وكافرا أُبيح قتلك وهُرق دمك ورغم ذلك تذهب لتشكوه لمن هو أسوأ منه وتنسى أن الشكوى لله وأما لغيره فقالوا الظالمين ...
ليمنعوا المظلوم، من الشكوى ... إنها مذلة ...مذله ... مذله ....لذا فأنا لم اكف عن الشكوى لله أولا وللظالمين لأُشُهد الله عليهم ، وإذا ظلمت وهذا طبيعي وبشري " فإنني استأنف أمام الله الديان العادل...