دكتور بول غبريال - راعي الكنيسة العربية الكتابية - شيكاجو
حين نتخيّل شخصًا روحيًا ناجحًا، ما الصورة التي تخطر في أذهاننا؟ هل هو رجل بملابس دينية ولحية كثّة؟ أم شخصية مثل الأم تيريزا؟ أم خادم جاد ذو صوت عميق يحمل الكتاب المقدس تحت ذراعه؟
هذه كلها صور نمطية اعتدنا ربطها بالروحانية. لكن الكتاب المقدس يرسم لنا صورة مختلفة تمامًا لرجال ونساء أتقياء.
فتارة يقدّم لنا شيخًا متغرّبًا مثل إبراهيم، وأخرى شخصا مترددًا مثل جدعون. يقدّم لنا امرأة قاضية مثل دبورة، أو طفلًا يسمع صوت الله مثل صموئيل.
وهناك من جمع في شخصه صورًا متناقضة، مثل داود: شاب جريء ومقاتل ماهر، لكنه كان هاربًا في الكهوف والمغاير. شاعر حالِم وموسيقار بارع، لكنه كثير البكاء حتى ابتلّت دموعه وسادته. بطل مغوار وملك مهيب، لكنه في لحظات الانكسار كان يسير حافي القدمين. لقد عاش داود حياة حقيقية مليئة بالحيوية، كاسرًا كل القوالب.
فأبطال الإيمان لم تحط برؤوسهم هالات من نور، ولم يكن لمعظمهم كرامات خاصة. كانوا أناسًا عاديين مثلنا، يواجهون التحديات والإحباطات والمخاوف، ويقعون أحيانًا في الضعف والسقوط. ومع ذلك عرفوا الله واختبروه في كل ظروف حياتهم: في القمة أو في القاع، في الفقر كما الغنى، في الصحة كما المرض، في النصر أو الهزيمة، في الحياة أو في مواجهة الموت.
في كل المواقف، كان الله هو مرساة نفوسهم، هو الملجأ الحصين، هو الحضن الآمن الذي احتواهم، وهو المربي الذي وبّخهم عند الخطأ. وعندما سقطوا لم يهربوا منه، بل هربوا إليه، لأنهم أحبّوه وتعلّقوا به.
واليوم تُقدَّم لنا نفس الفرصة: أن نحيا حياة حقيقية، بلا أقنعة ولا زيف، حياة طبيعية بكل ما فيها من صعوبات وتناقضات، لكنها مكرَّسة لمجد الله بالكامل.