(إعداد وتعريب: د. أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك)
[في هذا الحَيّز، أُقدِّم سلسلةً من مقتطفاتٍ مختارةٍ من مؤلَّفات عَالِمِ اللّاهوت "رومَانُو غُوارْدِيني" (1885-1968)، في انتظارٍ لنَشْرِ مؤلَّفاته الّتي ترجمتُها إلى اللّغة العربيّة، ككُتبٍ في المستقبل القريب]
"مجيءُ الرُّوح القُدُس"
حينما كان ربُّنا يسوع المسيح، بعد ظُهْر ذلك اليوم، مع خاصّته للمرّة الأخيرة، و"أعطاهم كمال مِلء محبّته"، قد وعدهم بأنّهم لن يبقوا وحدهم، بل إنّه سيرسل لهم "شفيعًا آخر": أنتَ، "يا رُوح الحقّ". ثمّ أتيتَ في رعدِ يوم العنصرة ولهيبِه، والآن أنتَ معنا. أنتَ تحمل كلَّ واحدٍ منّا نحو درب الخلاص. وأنتَ تقود ملكوت الله عبر ظلام وإلتباس الأزمنة. ومن خلال كلّ ما يحدث، تُحقّق عملَ الخليقة الجديدة، التي يتعيّن أنْ تُستعلن لنا يومًا ما، عندما "يعود الرّبّ ليقاضي الأحياء والأموات".
أيّها القُدّوس، لقد أُعطِيتَ لنا على هيئة "الرُّوح". أنتَ معنا في قدومٍ دائم التّجديد. وأنتَ إلى جانبنا في مظهرٍ جديد دائمًا. ونحصل على الحياة الجديدة بمجرّد أن تعود لتمنحنا إياه دائمًا. ولذا، فنتوسّل إليك أن تتمّ فينا الرّسالة التي من أجلها أرسلك الآبن.
"خُذ"، يا رُوح يسوع المسيح، "ما هو كينونة-وجود، وهبني إياه"، فيصير لي. دع نوركَ يشرق في داخلي، حتّى اعترف بحقيقته. اربط قلبي بالوفاء الذي يتطلّبه الإيمان، حتّى لا أنحرف عنه قَيْد أَنْمُلة. وعلّمني أن أحبّ، إذ إنّه بدون المحبّة تبات الحقيقةُ مائته. "المحبّة لا تقوم على قدرتنا على أن نحبّ الله من ذواتنا، وإنّما على أنّه هو قد أحبّنا أوّلًا". أقنع قلبي بمحبّة الله، وامنحني القوّة للاستجابة لمحبتّه، حتّى "أثبت في الله وهو فيَّ".
أنتَ، أيّها الرُّوح [القُدُس]، تعمل على بُزُوغ الخليقة الجديدة في العالم العتيق القديم؛ فاِملأني بالثّقة في قدرتك المقدَّسة. فقوّتك ليست أرضيّة، وقد تبدو غالبًا، في مِضْمَار عُنف ومَكر الأرض، حمقاء وضعيفة. لذلك، امنح قلبي الرّجاء في "حرّيّة سيادة أبناء الله".
بِكَ، أيُّها الرُّوح القُدُس، قد عاش ربُّنا [يسوع المسيح]، وبقوّتكَ قد "غلب العالم". ولكنّ العالمَ ما هو إلَّا أنفسنا ذاتها: قلبنا الأنانيّ والأعمى والأحمق. فخذه بقوّتك، واجعله خاضعًا ومتّسعًا، لكي يحيا المسيح فينا ونحن فيه. آمين.