ماجدة سيدهم
الجيران الذين بشارعنا يخبئون تحت جلدهم إكتئاب أنيق ..
ثيابهم المشنوقة على الحبال حتي الملون منها مطرز بدموع كثيرة ..
وتجاعيد الوسائد حتى المعطر منها باتت أشبه بحياكة بقايا أحلام ..
جيراننا يضحكون كل صباح كلما تشاركنا معا في مواعيد الخروج من جدران مخاوفنا التى نتقن الإحكام عليها قبل أن نهرب إلى أتعابنا ..
على دروج الثرثرة نهبط.. وفي الطريق نتبادل معا الأمنيات واحتياجات الصغار ..ولابأس أيضا من بعض الدعابات الخادشة..ثم نُطمئن أنفسنا أن كل شيء على مايرام..
ومثل كل صباح نرتدي بأناقة ثقوبنا المرتقة والتى جففتها حرارة الأعباء ..
بينما نلتقط من تحت شرفاتنا ماسقط عنا من مقابض لملابس مزقتها الحبال ..
سخرت إحدانا ذات مرة : " علينا يانساء أن نمزق الحبال جميعها كي لا نسير بثيابنا هكذا عراة.. فكل ما لدينا من أمنيات كسرتها تلك المقابض اللعينة غير أنها فشلت أن تصيب ضحكاتنا بالخذلان ..أليس كذلك .. "
ثم نضحك ونمضي ..
هكذا كل صباح.. نهبط الدرج الذي يصعد بنا إلى المزيد من ملاطفة جوعنا ..
وحين تقلنا الحافلة.. تستند كل منا على نهدة من السكوت.. ونشكل في مخيلاتنا كيف يبدو حالنا حين يباغتنا عناق مفعم بالإحتواء .. نترقبه كل يوم ..ونخترع له كل أعذار التأخير ..فربما شيء ما هناك حدث..
ثم نتحسس حقائبنا..
ونطمئن على مافي حوزتنا من مقابض
وأن لاشيء فينا على مايرام ..!
(مقبض وحلم )