فليُحترم واجب حماية السكان المدنيين، لا للتهجير القسري للفلسطينيين.
محرر الأقباط متحدون
تلك الخطط من أجل "شرق أوسط جديد" بدون الشعب الفلسطيني. بهذه العبارة عنون مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقالا افتتاحيا ذكَّر في بدايته بأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني كان دائما مصدر نقاش واستقطاب، وهي ظاهرة أصبحت اليوم أكثر تفاقما مع ما يحدث في غزة حيث هناك استقطاب أكبر في جزء كبير من المجتمع المدني في دول كثيرة جدا من العالم. وكما يحدث دائما فهناك أيضا الاستغلال السياسي والتبسيط والتقريب والتي تهدد بالانحراف وإلحاق الضرر. وتابع تورنييلي أننا نجد هذه الظاهرة في اللغة المستخدمة والمقاربة العاطفية بشكل مبالغ فيه وعدم القدرة على محاولة الاستماع إلى الآخر. وعاد مدير التحرير إلى ما حدث قبل عامين تقريبا أي الهجوم الذي يظل عملا إرهابيا غير إنساني يجب إدانته، وما تلاه من رد إسرائيلي متوقع، رد غير متناسب تجاوَز أية حدود مقبولة أخلاقيا وذلك لا فقط حسب الكثير من الهيئات الدولية بل وأيضا بالنسبة لأصوات من داخل إسرائيل ومن العالم اليهودي بشكل عام.
وتابع تورنييلي أننا إن حللنا الحرب في غزة مع أخذ بعين الاعتبار ما يحدث في الضفة الغربية لا يمكننا ألا نرى أن هناك أهدافا أخرى تتجاوز الرد على السابع من أكتوبر. وسلط مدير اللتحرير في الدائرة الفاتيكانية بالتالي الضوء على توسيع الاستيطان، الاعتداءات المتواصلة التي يقوم بها المستوطنون، التصريحات العامة لبعض الوزراء الإسرائيليين الذين يتمنون نهاية السلطة الفلسطينية، ضم إسرائيل للأراضي وتهجير الفلسطينيين، وأضاف أن كل هذه الأمور تدعو إلى التفكير أن الهدف يتجاوز القضاء على حماس أو ضمان أمن دولة إسرائيل.
وفي مثل هذا الإطار يتم الإعلان عن "خطط" لـ "شرق أوسط جديد"، ما يُعتبر نظاما جديدا لا يبدو فيه وجود للشعب الفلسطيني. وتحدث تورنييلي عن الخطة الأخيرة لغزة المستقبل التي يدور الحديث عنها هذه الأيام، خطة تشمل بناء مدينة "ذكية" وفنادق فاخرة، كما وتتضمن ما أطُلق عليه اسم "الإخلاء الطوعي" من قِبل الفلسطينيين والذين يمكنهم حسبما يقال، إن أرادوا، أن يعودوا يوما ما، أما مَن لن يرغبوا في الرحيل فستخطَّط لهم ما سُميت بـ "مناطق خاصة".
خطة لا تحتاج إلى تعليق، كتب تورنييلي، كان يمكن الاعتقاد أنها قصص من الخيال العلمي أو فيلم خيالي، لكنها، ومما يثير الحزن، حقيقية. وواصل مدير التحرير أنه من المحزن مشاهدة ضعف الجماعة الدولية والهيئات متعددة الأطراف العاجزة عن إيقاف هذا الانحراف، وهو ما يضاف إليه أيضا التجاهل المتعمَّد لأية اتفاقيات دولية وأي احترام للقواعد أو للتصرف الأخلاقي. فاللغة الوحيدة تظل لغة القوة، بالكلمات أولا ثم بالعمليات العسكرية.
الكنيسة ليس لديها أسلحة وليست لديها السلطة لفرض شيء، كتب مدير التحرير، فسلاحها الوحيد هو الصلاة وقوة الإنجيل ما يجبرنا في المقابل على قول كلمة حق واضحة حول الإنسان وحول العالم. لا يمكن بناء مستقبل يقوم على القوة، على عدم احترام حياة الإنسان وتطلعه إلى حياة كريمة وآمنة. هذا ما نرجوه، تابع تورنييلي، للإسرائيليين مواصلين المطالبة بإطلاق سراح فوري لجميع الرهائن وهو ما فعل البابا فرنسيس ثم البابا لاوُن الرابع عشر. وما نرجوه أيضا للفلسطينيين، فكما نطلب معاملة الأسرى بشكل كريم وإنساني فإننا نطالب بأن يعامَل بكرامة وإنسانية فلسطينيو غزة، ونرجو أن يتم في كل جزء من غزة تحديد منطقة خالية من القتال تحت حماية دولية، مناطق يمكن فيها استقبال المرضى والأشخاص الضعفاء والمدنيين العزل.
وشدد مدير التحرير الدائرة بعد ذلك على أنه لا يمكن أبدا بناء توازن مستقبلي في الشرق الأوسط من خلال التهجير القسري، التدمير الكامل، موتى بلا نهاية، مستشفيات تُستهدف، قتل يومي لمن ينتظرون الحصول على قطعة من الخبز، وشل أية آفاق سياسية واضحة لمنح الشعب الفلسطيني الكرامة وبيتا في أرضه. وأكد تورنييلي أن مستقبل الفلسطينيين يمكن بل ويجب أن يقرَّر فقط معهم، لا بدونهم أبدا. ثم شدد على أن الكنيسة ستواصل الانحناء على جراح الجميع ومد اليدين لمن يرغب في التعاون في بناء أطر بديلة، أطر حياة وكرامة. وذكَّر مدير التحرير في الدائرة بأن الكرسي الرسولي قد اعترف منذ سنوات رسميا بدولة فلسطين ولا يمكننا أن نصمت أمام ما يحدث. كما وذكَّر في الختام بالنداءات المتعددة والواضحة للبابا لاوُن الرابع عشر.