القمص رويس الجاولى
+++++++++++
الوضع الاجتماعي
+++++++++++
منذ القرن الثامن عشر عندما أصدر السلطان محمود الثاني حزمة من القوانين الجديدة وسميت (التنظيمات) وتحت هذه القوانين حاول أن يساوي بين مواطني السلطنة بالحقوق والواجبات بصرف النظر عن دينهم أو عرقهم أو قوميتهم. أدى ذلك إلى ازدياد غنى التجار المسيحيين واليهود على حساب التجار المسلمين وخاصة صغار الكسبة. وأصبح المسيحيين خصوصًا في مدينة حلب أكثر ثراءً من المسلمين. ولعب كثير من مسيحيي البلاد دوراً فكرياً وثقافياً وسياسياً مهماً، وساعد في ذلك الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمسيحيين، إذ يوجد أغلبهم في المدن، وينتمي أغلبهم لطبقات اقتصادية عليا.

+++ تتواجد فروق اجتماعية-اقتصادية بين المسيحيين والمسلمين في سوريا، تاريخيًا تواجد المسيحيين بالمدن بشكل أكثر من المسلمين مما أتاح لهم فرص اقتصادية أكثر، وتجلى ذلك في ارتفاع نسبة المتعلمين والأكاديميين لدى المسيحيين بالمقارنة مع المسلمين بالإضافة إلى تواجد المسيحيين الكثيف في النخبة المثقفة والسياسية، وكذلك ارتفاع مستواهم المعيشي إذ انتمى أغلب المسيحيين إلى الطبقة الوسطى البرجوازية والعليا. يعمل أغلب المسيحيين في مهن ذوي الياقات البيضاء والمهنية والأكاديمية كذلك فقد نجح الكثير من المسيحيين في المهن والأعمال التجارية. وقد أدى ارتفاع معدلات معرفة القراءة والكتابة والدراسة في «المدارس الغربية التبشيرية» بين المسيحيين - ككل - إلى ارتفاع نسبة العمل في المهن مثل الطب وطب الأسنان والتعليم والهندسة. ونتيجة لذلك، يميل المسيحيين السوريين إلى كسب دخل أعلى وحصولهم على درجات ومهن مطلوبة بشكل أكبر في أماكن أخرى في العالم العربي أو في أي مكان آخر، مما يلغي الحاجة إلى تسجيلهم كلاجئين بسبب الحرب الأهلية السورية.

+++ وفقاً لمروان كريدي الأستاذ مساعد للعلوم السياسية في جامعة ويست تشيستر، يعود سبب انخفاض أعداد المسيحيين في التسجيل كلاجئين والتقدم بطلب لإعادة التوطين خلال الحرب الأهلية السورية، بسبب ميلهم إلى السكن في المناطق الحضرية إلى حد كبير، وبالتالي فإنهم يستفيدون من زيادة الإنفاق الحكومي والمنشآت التعليمية الأفضل، وبالتالي لديهم فرص أكبر للحصول على الثروة في المناطق الحضرية منها في المناطق الريفية. ويشير كريدي أن المسيحيون في سوريا يميلون إلى أن يكونوا أكثر تعليماً من الأقليات الأخرى؛ وهذا يرجع إلى عوامل تاريخية بالإضافة إلى الظروف الحالية. حيث تاريخياً، خلال الحقبة العثمانية خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أنشأ المبشرون المسيحيين المدارس، والمطبعات، والمستشفيات، وغيرها من المؤسسات، وأسس هؤلاء المبشرون المسيحيون مؤسسات تعليمية في جميع أنحاء المدن الكبرى في ذلك الوقت، وربما أشهرها الجامعة الأمريكية في بيروت في عام 1866، وجامعة القديس يوسف التي تأسست عام 1875 في بيروت أيضًا. 

+++ وقد تكررت هذه التعهدات في المدن الكبرى في سوريا الحالية، بما في ذلك حلب ودمشق. والتحق الأطفال المسيحيين واليهود بهذه المدارس التبشيرية، لكن رجال الدين المسلمين بذلوا قصارى جهدهم لمنع الأطفال المسلمين من الحضور، وبدلاً من ذلك تم حثهم على الدراسة في المدارس التقليدية، وبالتالي مع بداية الحرب العالمية الأولى «كان لدى المسيحيين واليهود معدلات معرفة بالقراءة والكتابة أعلى بكثير من المسلمين». وبحسب رامي خوري، وهو باحث وصحفي ومدير معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، يميل المسيحيين السوريين التركيز على التعليم «كمتلازمة الأقلية النموذجية»، والذي يصفه بالاعتقاد بأن التعليم سيكون سلّمهم للنجاح.