محرر الأقباط متحدون
 انعقدت في يوم الاثنين، 25 أغسطس/آب 2025، جلسة جديدة من جلسات محاكمة سيادة المطران ميكائيل أجاپاهيان، رئيس أساقفة شيراك في الكنيسة الرسولية الأرمنية، وذلك في محكمة الدرجة الأولى ذات الاختصاص العام – المقر الفرعي في آڤان بالعاصمة يريفان، برئاسة القاضية أرمينه مليكسيتيان.

 دفوع الدفاع وردّ المحكمة
خلال الجلسة، واصل فريق الدفاع تقديم دفوعه ومطالبه المتعلقة بالأدلة، حيث عرض خمسة مرافعات قانونية جوهرية، جميعها أكّدت أن عملية تفتيش مقر رئاسة أبرشية شيراك قد تمت في ظل مخالفات قانونية فادحة، وبالتالي فإن نتائج هذا التفتيش يجب أن تُعتبر باطلة وغير مقبولة كأدلة.
غير أنّ القاضية أرمينه مليكسيتيان رفضت هذه الدفوع كافة، وقدّمت تبريرات اعتبرها المحامون «غامضة» و«غريبة»، الأمر الذي أثار موجة انتقادات واسعة. الحقوقي روبين مليكيان علّق على ذلك عبر صفحته الرسمية في فيسبوك، قائلاً إن القاضية «تدفن في هذه اللحظة الضمانات القانونية للتفتيش برمّتها»، مضيفًا أن «الحكم بالإدانة بحق سيادة المطران ميكائيل قد أُعِدَّ سلفًا ولم يبقَ سوى وضع التاريخ عليه».

 طلبات الدفاع بإشراك الخبراء
من جهة أخرى، وافقت المحكمة على طلب الدفاع تكليف خبراء مختصين لفحص ما إذا كان في حديث المطران أي دعوة إلى الانقلاب، ولتوثيق غياب ممثل الأبرشية عن الإجراءات التحقيقية. وقد شدّد المحامي هاروت أكلونتس على أنّ المطران لم يوجّه أي دعوة، بل عبّر عن رأي شخصي، متسائلًا:
«إن كان تكرار عباراته جريمة، فهل علينا جميعًا – نحن والصحفيون – أن نُحاسَب جنائيًا؟».

 مسألة مذكرات يوميات المطران
طالب فريق الدفاع كذلك باعتبار يوميات المطران التي تم ضبطها خلال التفتيش غير مقبولة كدليل، لأن التفتيش نفسه – وفقًا للدفاع – جرى في ظل انتهاكات إجرائية. غير أن المحكمة رفضت الطلب، مؤكدة أن الدليل يبقى مقبولًا.

الأدلة والخبرات اللغوية
قدّم الدفاع تقارير خبراء لغويين مستقلّين خلصوا إلى أن كلمات المطران لم تحمل دعوة، بل كانت جملًا خبرية. لكن الادعاء العام رفض الاعتراف بمصداقية هذه التقارير، معتبرًا أن معدّيها لا يُعدّون خبراء رسميين. كما طلب الدفاع فحص مقابلة أجراها المطران عام 2023، حيث استخدم أيضًا تعبير "الانقلاب"، لكن النيابة العامة حينها لم تجد أي عناصر جرمية. ورغم ذلك، رفض الادعاء إدخال هذه المقابلة ضمن الأدلة معتبرًا أنها «غير مرتبطة بالقضية الحالية».

جدل حول محاضر التفتيش
تقدّم المحامي يريم سركسيان بطلب اعتبار محضر تفتيش منزل المطران باطلًا وغير مقبول، بحجة وجود مخالفات إجرائية، مشيرًا إلى أن الفحص الذي أُجري على الحاسوب المضبوط، وكذلك ما عُثر عليه فيه من يوميات، باطل بدوره. كما أكّد المحامي هاروت أكلونتس أن الممثل القانوني للمطران لم يُسمح له بالمشاركة في التفتيش.

وقدّم الدفاع أيضًا تسجيلًا لمحامية تمارا يالويان تعلن فيه استياءها من منعها من حضور عملية التفتيش، غير أن الادعاء رفض الاعتراف بتمثيلها القانوني للمطران في تلك المرحلة. المحكمة بدورها رفضت هذه الدفوع، مشيرة إلى أن الدفاع لم يقدّم ما يثبت علم جهات التحقيق برغبة المحامي في المشاركة، ولا ما يثبت أن تلك الجهات منعت مشاركته عمدًا.

مواجهة حادة داخل الجلسة
أثار قرار المحكمة ردّ فعل مباشر من سيادة المطران ميكائيل أجاپاهيان، الذي خاطب القاضية بكلمة «عار!»، قبل أن تحذّره القاضية من إطلاق توصيفات. فأجاب المطران بلهجة حاسمة:
 «يمكنكم إصدار أحكام أشد، حتى بالسجن المؤبّد. لا أحد يخشى سجنكم المؤبّد».
فعلى إثر ذلك، وجّهت القاضية له إنذارًا رسميًا.

طلبات إضافية
كما تقدّم المحامي يريم سركسيان بطلب جديد لاستبعاد محضر فحص الفيديو الذي يُشكّل الأساس في القضية، حيث يظهر فيه المطران متحدثًا عن الانقلاب. وبرّر بأن مصدر الفيديو مجهول بالنسبة للمحقق، ما يجعله دليلاً غير مشروع. غير أن القاضية رفضت أيضًا هذا الطلب، قائلة:
 «بالنسبة للمحكمة، من الواضح أن طلبكم غير مبرَّر».

ختام الجلسة
بعد هذه المداولات، أنهت المحكمة مرحلة الاستماع للأدلة، ومنحت الأطراف فرصة للتحضير لمرافعاتهم الختامية. وحدّدت موعد الجلسة المقبلة في 28 أغسطس/آب 2025، عند الساعة 14:30.

في تصريح عقب الجلسة، قال المحامي يريم سركسيان إن ما يجري «لا يمتّ بصلة إلى القانون»، مضيفًا:
«القاضية تدرك تمامًا أنها ترتكب مخالفات، لكنها عاجزة. القاضي الحقيقي هو من يتمكّن من مقاومة الضغوط واتخاذ قرارات عادلة بشأن مصير الإنسان».

خلفية القضية
تجدر الإشارة إلى أن سيادة المطران ميكائيل أجاپاهيان معتقل منذ 28 يونيو/حزيران 2025، بعد أن وُجّهت له تهمة بموجب المادة 422/الفقرة 2 من القانون الجنائي، بتهمة القيام عبر وسائل الإعلام والتقنيات الرقمية بتوجيه دعوات علنية للاستيلاء على السلطة أو إسقاط النظام الدستوري بالقوة. وفي 15 أغسطس/آب، جرى تمديد توقيفه عشرة أيام إضافية. وتصل العقوبة المتوقعة وفق هذه المادة إلى السجن لمدة قد تبلغ خمس سنوات.

إن محاكمة سيادة المطران ميكائيل أجاپاهيان ليست مجرد قضية جنائية اعتيادية، بل هي حدث كنسي ووطني يلقي بظلاله على العلاقة بين الكنيسة والدولة، ويطرح أسئلة عميقة حول حرية التعبير وضمانات العدالة وسيادة القانون.

ويبقى الرأي العام، ومعه الكنيسة الأرمنية، في ترقّب شديد للجلسة المقبلة في 28 أغسطس، حيث سيتجلّى الموقف النهائي للمحكمة، وسط تأكيدات الدفاع بأن ما يجري هو استهداف لشخصية كنسية بارزة عبّرت عن رأيها.