بقلم
دكتور مهندس/ ماهر عزيز
استشارى الطاقة والبيئة وتغير المناخ


الجزء الثانى – القطاعات الاقتصادية ( 3 )
6- قطاع المباني 

تتحمل المباني خلال دورة حياتها من التصميم إلى تصنيع المكونات إلى البناء إلى التشغيل إلى الهدم مسئولية نحو 18٪ من الابتعاثات العالمية لغازات الدفيئة، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدى دورًا مهمًا في تقليل ابتعاثات ثاني أكسيد الكربون من المباني.

ففي مرحلة التصميم، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتحديد موقع البناء، واختيار المواد، وأثناء البناء يساهم في إدارة المخلفات، وتيسير التصنيع المسبق، وتحديد فرص تقليل الابتعاثات في الموقع.

وعند تشغيل المبنى، يُحَسِّنْ الذكاء الاصطناعي نظم التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC) والنظم الميكانيكية الأخرى، مما يقلل استهلاك الطاقة بناءً على بيانات فورية حول إشغال المبنى وأنماط الاستخدام.

ويمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تحسين توزيع الألواح الشمسية ودمج الطاقة المُولدة من المبنى مع احتياجات الشبكة الأوسع.

ويُمكّن الذكاء الاصطناعي من تصنيف مخلفات البناء بكفاءة، مما يسهل إعادة استخدام المواد. ويجب تكييف النُهُج المتبعة لتناسب السياقات المحلية المتنوعة، لا سيما في الدول النامية، حيث سيتم تنفيذ الغالبية العظمى من مشروعات البناء في العقود القادمة.

ويُعد نقص إلمام أصحاب المصلحة الرئيسيين بتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي عائقًا كبيرًا، ولذا ينبغي على الحكومات، والقطاع الخاص، والجمعيات المهنية، تطوير منصة لنشر أفضل الممارسات المتعلقة بتطبيق الذكاء الاصطناعي في تقليل استهلاك الطاقة والابتعاثات من المباني.

ويجب على البنوك الإنمائية متعددة الأطراف، والمنظمات الوطنية والثنائية، والجهات المانحة الأخرى تطوير برنامج للمساعدة الفنية والتمويل من أجل تعزيز قدرة أصحاب المصلحة على تطوير برامج ابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي لقطاع البناء.

7- اقتناص الكربون 
تتطلب الأهداف المناخية الطموح انتشاراً واسع النطاق، وتشغيلًا آمنًا لإدارة الكربون، بما في ذلك اقتناص الكربون واستخدامه وتخزينه  (CCUS)، وهو تحديداً ما يواجه تحديات في التنفيذ اليومَ، التي تشمل الجوانب الاقتصادية للمشروعات، وإجراءات التصاريح، والقبول الجماهيري. ويمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تقليل التكاليف بشكل كبير، وتسريع تنفيذ تقنيات اقتناص الكربون واستخدامه وتخزينه، بما في ذلك تحقيق تحسينات جذرية في الأداء، وتسريع تنفيذ المشروعات بشكل كبير.

ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحسّن كل جانب من جوانب البحث والتطوير والتنفيذ في مجال اقتناص الكربون واستخدامه وتخزينه(CCUS) . ومن منظور الابتكار المبكر، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تحديد مواد جديدة لاقتناص الكربون واستخدامه، بما في ذلك الممتزات، والمحفزات، والأغشية. 

ويمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل التوأمة الرقمية، أن تُحسّن الكفاءة وتقلل التكاليف في تصميم المنشآت وتشغيلها، كما يمكن أن تستفيد عملية تخطيط مسارات خطوط الأنابيب، وتوصيف الطبقات الجيولوجية تحت السطح من أدوات الذكاء الاصطناعي، مما يقلل المخاطر والتكاليف والتأثيرات المحلية. ويمكن للقضايا غير التقنية كذلك الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُسرّع من إعداد ومراجعة تصاريح الهواء، والموافقة على آبار الحقن، كما يمكن أن يُسهّل رصد البيئة أو الحفاظ على معايير العدالة البيئية.

ومن أجل تحقيق هذه الفوائد، يجب على صُنّاع القرار ضمان الوصول الكافي إلى كميات البيانات الأساسية اللازمة لتدريب هذه الأدوات والتطبيقات المتقدمة، وبالمثل، يجب تدريب القوى العاملة - من الباحثين إلى الجهات التنظيمية - على تقنيات الذكاء الاصطناعي لضمان تحقيق نتائج جيدة، وتجنب تحديات مثل التحيز أو الهلوسة في الذكاء الاصطناعي. 

8- القوى النووية 
يمكن للمفاعلات النووية أن تُسهم بشكل أكبر في تقليل ابتعاثات الكربون إذا أمكن خفض التكاليف. ويُستخدم الذكاء الاصطناعي بالفعل لتحسين تزويد الوقود، وصيانة المفاعلات من الجيل الحالي، كما يُظهر وعودًا بالمساهمة في تصميم المفاعلات المتقدمة التي تقترب من الدخول إلى مرحلة التسويق التجاري.

وقد يُساهم الذكاء الاصطناعي أيضًا في تحسين كفاءة تنظيم السلامة النووية، وتستخدم مفاعلات الماء المغلي (BWRs) الذكاء الاصطناعي بالفعل في تصميم النواة والرصد، مما يقلل من متطلبات التخصيب، ويقلل من الوقود المستنفد، ويتجنب حالات الإغلاق غير الضرورية.

ويُظهر الذكاء الاصطناعي وعودًا بمساعدة المحطات على الانتقال من الصيانة القائمة على عدد ساعات التشغيل إلى فترات صيانة مستندة إلى تفسير بيانات المحطة لتحديد احتمالية فشل المعدات في المستقبل. يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا تفسير المسوحات المأخوذة للخرسانة المُعرضة للإشعاع لتقليل درجة عدم اليقين بشأن حالتها، كما يمكن أن يكون مفيدًا في تصميم معدات المفاعلات الانشطارية المتقدمة، وأيضاً في تصميم المفاعلات الاندماجية. 

لكن استخدام الذكاء الاصطناعي في الطاقة النووية يواجه تحديات، فعلى سبيل المثال، لا تمتلك الصناعة كميات كبيرة من البيانات المتاحة بسهولة حول العمليات وأداء المكونات، علاوة على ذلك، فإن إدخال الذكاء الاصطناعي في نظام معقّد ومترابط وحساس للسلامة سيتطلب تخطيطًا وتقييمًا دقيقًا لأدوات البرمجيات.

[ يتبع ]
نقلا عن الحوار المتمدن