محرر الاقباط متحدون

اعتبر خبراء ومحللون سياسيون سعوديون أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى المملكة، ولقاءه ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، تعد إعلانًا استراتيجيًا عن تكامل الأدوار بين البلدين، فى ضوء العلاقات الاستراتيجية التى تجمعهما، وما تشهده المنطقة من تحديات غير مسبوقة، خاصة فيما يتعلق بالوضع فى قطاع غزة.

وقال الخبراء السعوديون، خلال حديثهم إلى «الدستور»، إن الزيارة تؤكد أن القاهرة والرياض لا تسمحان بتمرير أى محاولات لزعزعة الثقة بينهما، فضلًا عن دورها فى فتح الباب أمام مزيد من التعاون الاقتصادى، والدفع نحو التوسع فى المشروعات المشتركة، خاصة فى المجالات المستقبلية، بما يعزز مكانة البلدين كقاطرة للنمو الاقتصادى فى المنطقة.

وقال عمر سيف قايد، المحلل السياسى السعودى، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى المملكة العربية السعودية، تلبية لدعوة الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد رئيس مجلس الوزراء، تمثل محطة جديدة فى مسار العلاقات الاستراتيجية التى تجمع بين القاهرة والرياض، وتجسيدًا للتنسيق الوثيق بين القيادتين، فى ظل ما تشهده المنطقة من تحديات غير مسبوقة.

 

وأضاف «قايد»: «المباحثات بين الرئيس السيسى وولى العهد السعودى، فى مدينة نيوم، لم تقتصر على الملفات السياسية والأمنية، بل فتحت أيضًا آفاقًا جديدة لتعزيز التعاون الثنائى، خاصة أن مصر والسعودية تمثلان معًا أكبر قوتين عربيتين فى المنطقة، لذا التنسيق بينهما يعد ضرورة استراتيجية لحماية المصالح العربية وصون الأمن القومى، سواء فى البحر الأحمر أو الخليج العربى أو الشرق الأوسط عمومًا».

 

وواصل: «توقيت الزيارة يعكس إدراك القيادتين المصرية والسعودية خطورة المرحلة الراهنة، مع تواصل الحرب على غزة وسط تهديدات بتوسيع نطاق الصراع، إلى جانب تفاقم الأزمات فى عدد من الدول العربية مثل: السودان واليمن وليبيا ولبنان وسوريا».

 

وشدد على أن «تلك التطورات تجعل من التنسيق المصرى- السعودى عنصرًا حاسمًا لمواجهة التحديات المعقدة التى تعصف بالمنطقة، خاصة أن البلدين يمتلكان ثقلًا سياسيًا وعسكريًا يؤهلهما للعب دور قيادى فى حفظ التوازنات الإقليمية».

 

وأكمل: «الزيارة تحمل أيضًا دلالات اقتصادية بالغة الأهمية، إذ تُعد السعودية واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لمصر، فضلًا عن كونها من أبرز مصادر الاستثمارات المباشرة فى قطاعات الطاقة والسياحة والبنية التحتية والتكنولوجيا».

 

وتوقع أن تسهم المباحثات بين الجانبين فى الدفع نحو مزيد من التوسع فى المشروعات المشتركة، خاصة فى المجالات المستقبلية مثل الاقتصاد الأخضر والذكاء الاصطناعى والتحول الرقمى، بما يعزز مكانة البلدين كقاطرة للنمو الاقتصادى فى المنطقة.

 

ورأى أن الشراكة الاقتصادية بين مصر والسعودية لا تخدم فقط مصالح الشعبين الشقيقين، بل تفتح الباب أيضًا أمام تكامل اقتصادى عربى أوسع، يتيح مواجهة التحديات العالمية مثل تقلبات أسعار الطاقة والأزمات الغذائية والتحولات المناخية.

 

واعتبر أن الزيارة تحمل فى جانب منها رسالة واضحة إلى الداخل والخارج، مفادها أن العلاقات المصرية- السعودية قائمة على أسس راسخة، وأن أى حديث عن خلافات أو تباينات عابرة لا يعكس حقيقة الشراكة الاستراتيجية العميقة بين البلدين، خاصة أن القاهرة والرياض تدركان أن التحديات الراهنة لا تحتمل التباعد، وأن وحدة الصف بينهما ضرورة لحماية منظومة الأمن القومى العربى.

 

وتابع: «الزيارة تمثل خطوة جديدة لترسيخ التحالف الاستراتيجى المصرى- السعودى، وتعكس حرص القيادتين على بناء موقف موحد تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وما يجرى فى غزة والسودان واليمن وغيرها من الساحات الساخنة يثبت أن المنطقة بحاجة إلى محور عربى قوى يقوده الكبار، وأن مصر والسعودية، بحكم مكانتهما وثقلهما، هما الأقدر على القيام بهذا الدور».

 

من جانبه، وصف الدكتور فواز كاسب العنزى، الباحث السعودى فى الشئون الاستراتيجية والأمنية، زيارة الرئيس السيسى المملكة بأنها حدث استراتيجى، يعكس قوة الشراكة بين القاهرة والرياض، ويؤكد أن التنسيق بين أكبر دولتين فى المنطقة هو الضمانة الأساسية لاستقرار العالم العربى.

 

وقال «العنزى» إن الزيارة جاءت فى ظل تصاعد التوترات فى الإقليم، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلى على غزة، والتصعيد العسكرى المستمر الذى يهدد أمن الفلسطينيين والمنطقة بأكملها، مضيفًا: «مصر تتحرك بدورها التاريخى فى إدارة الملف الفلسطينى ومحاولات وقف إطلاق النار، بينما تلعب الرياض دورًا استراتيجيًا بقيادة ولى العهد، يقوم على ترسيخ الاستقرار الإقليمى عبر مبادرات دبلوماسية وتنموية، ما يجعل هذا اللقاء صياغة مشتركة لسياسة عربية متوازنة وفاعلة».

 

وواصل: «المملكة، تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان، انتقلت إلى مرحلة جديدة من السياسة الاستراتيجية الفاعلة، تقوم على ثلاثة محاور، هى: السياسة الإقليمية الفاعلة عبر تحريك الجهود الدبلوماسية فى ملفات مثل غزة ولبنان واليمن وأمن البحر الأحمر، والقوة الناعمة والتنموية عبر رؤية السعودية ٢٠٣٠، التى لا تنعكس فقط على الداخل بل تفتح مجالًا واسعًا للشراكات الاقتصادية العربية، وفى مقدمتها مع مصر، بالإضافة إلى توازن العلاقات الدولية، إذ أصبحت الرياض لاعبًا دوليًا مؤثرًا بين واشنطن وبكين وموسكو وأوروبا، ما يمنحها أوراق ضغط مهمة لصالح القضايا العربية، على رأسها القضية الفلسطينية».

 

وأكمل: «من هذا المنطلق، فإن لقاء الرئيس السيسى وولى العهد يعكس تكامل الأدوار بين البلدين، مصر بدورها التاريخى فى القضية الفلسطينية، والسعودية بدورها الاستراتيجى المتنامى إقليميًا ودوليًا».

 

وشدد على أن محاولات بعض الأطراف الخارجية لزرع الفتن بين مصر والسعودية لن تنجح، لأن العلاقة بين البلدين مبنية على وحدة المصير المشترك، معتبرًا أن الزيارة فى هذا التوقيت «تؤكد أن ولى العهد ينتهج سياسة التحالفات العربية المتينة، وأن القاهرة والرياض لا تسمحان بتمرير أى محاولات لزعزعة الثقة بينهما، خاصة فى القضايا الحساسة مثل الملف الفلسطينى».

 

وزاد: «الأزمات التى تشهدها المنطقة، سواء فى غزة أو لبنان أو السودان أو أمن البحر الأحمر، تفرض واقعًا لا يمكن التعامل معه إلا عبر تنسيق مصرى- سعودى عالى المستوى. فى ملف غزة، يأتى الدور المصرى فى الوساطة والتواصل مع الفصائل الفلسطينية والاحتلال متكاملًا مع الدور السعودى فى الحشد الدبلوماسى الدولى ودعم الموقف الفلسطينى سياسيًا وإنسانيًا. أما فى الملفات الأخرى فيشكل هذا التنسيق نموذجًا للتكامل العربى فى مواجهة التهديدات الأمنية والاقتصادية التى تواجه المنطقة».

 

وتابع: «اللقاء خرج ببلورة موقف عربى موحد تجاه العدوان الإسرائيلى على غزة ورفض استمرار التصعيد العسكرى، وتعزيز التحالف الاستراتيجى المصرى- السعودى كضمانة للاستقرار العربى، ووجّه رسالة واضحة للمجتمع الدولى بأن أى ترتيبات تخص الإقليم لا يمكن أن تتجاهل القاهرة والرياض، بجانب فتح آفاق اقتصادية وتنموية جديدة فى ضوء رؤية السعودية ٢٠٣٠ وخطط التنمية المصرية، وتأكيد سياسة ولى العهد الاستراتيجية القائمة على بناء تحالفات عربية متينة وإعادة صياغة الدور الإقليمى للمملكة».

 

واعتبر أن لقاء الرئيس السيسى وولى العهد محمد بن سلمان هو أكثر من زيارة بروتوكولية، بل إعلان استراتيجى شامل عن تكامل الدورين المصرى والسعودى فى إدارة الأزمات، خاصة أزمة غزة التى تمثل التحدى الأكبر للعالم العربى اليوم.

 

واختتم بقوله: «القيادة السعودية، بسياسة ولى العهد، تعكس رؤية استباقية لصون الأمن الإقليمى وبناء تحالفات راسخة، بينما تؤكد مصر بدورها المحورى أنها لا تزال قلب العالم العربى النابض بالقضية الفلسطينية، وهذا اللقاء يؤكد أن القاهرة والرياض ستبقيان معًا الركيزتين الأساسيتين فى حماية الأمن القومى العربى وصياغة مستقبل المنطقة».