بقلم الأب يسطس الأورشليمى 
 يفصل وادى قدرون (وادى يهوشافاط) جبل الزيتون عن مدينة القدس، وفى سفح جبل الزيتون يوجد بستان جثسيمانى، فيه مغارة طبيعية طولها 17.6 متراً وعرضها 11.40 متراً وارتفاعها 3.50 متراً. والاسم "جثسيمانى" الذى أطلق على هذه المغارة وعلى المنطقة التى تحيط بها كلمة أرامية مركبة من "جيث – شمن" وتعنى "معصرة الزيت"، وأثبتت الحفريات التى قام بها عالم الآثار  Virgilio Corbo صحة هذا الإسم والتقليد الذى يقول أن هذه المغارة والبستان المجاور لها، هى مكان الجثسيمانية التى تكلم عنها الإنجيل المقدس، وبقى هذا التقليد ثابتاً منذ القرون الأولى وحتى الآن.
 
       كان السيد المسيح له المجد يذهب عادة مع تلاميذه إلى هذا المكان فى وقت وجودهم فى مدينة أورشليم (لوقا 21 : 37 ولوقا 22 : 39). إلى هذا المكان جاء الرب يسوع وتلاميذه بعد العشاء الأخير فى خميس العهد (مر 14 : 32 ويو 18 : 2). فى هذه المغارة ترك الرب يسوع تلاميذه وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا ليصلى "حيث الآن توجد كنيسة النزاع " (متى 26 : 26 – 37). فى هذه المغارة قبَّلَ يهوذا الأسخريوطى مُعلّمه ليُسّلمه (متى 26 : 47 ومرقس 14 : 42 ولوقا 22 : 47).

فى هذا المكان شفى السيد المسيح أُذن عبد رئيس الكهنة التى قطعها بطرس ( لوقا22 : 50 ويوحنا 18 : 10). بعد صلاة النزاع، عاد الرب يسوع إلى المغارة، حيث تم القبض عليه ليصلب (يوحنا 18 : 12) هذه المغارة تحولت إلى كنيسة منذ أوائل المسيحية والكنيسة على سفح جبل الزيتون مقابل باب الأسود تعرف بكنيسة الجثمانية او كنيسة الآلام. بُنيت هذه الكنيسة فوق صخرة الآلام التى يعتقد ان المسيح صلى وبكى عليها قبل ان يعتقله الجنود الرومان. وهي ايضا المكان الذي اختبأ يسوع وتلاميذه في حديقتها قبل اعتقاله وأخذه إلى القدس. يعود تاريخ الكنيسة الأولي في الموقع إلى الفترة البيزنطية عام 389 م. دمر الفرس الكنيسة أثناء غزوهم لفلسطين عام 614م،  وفى سنة 1392م، امتلك الرهبان الكاثوليك (الفرنسيسكان) هذه المغارة ووضعوا فيها ثلاثة مذابح. ويحتفل الرهبان الفرنسيسكان بعيد صعود جسد السيدة العذراء، فى هذه المغارة منذ أن طردهم الأتراك من كنيسة قبر السيدة العذراء فى سنة 1757م إذ أن الحكومة التركية إنتزعتها منهم وسلَّمتها لطائفة الروم الأرثوذكس. 

بُنيت الكنيسة الحالية التى تعتبر من اجمل الكنائس في الأراضي المقدسة عام 1924م، وقد أسهمت ست عشرة دولة بتمويل بنائها، وتزينها وهذه الدول ه : الولايات المتحدة – المانيا – كندا – بلجيكا – إنجلترا – أسبانيا – إيطاليا – المكسيك – البرازيل – الأرجنتين – تشيلى – بولندا – المجر – ايرلندا – أستراليا – النمسا. ولذلك صارت تعرف باسم "كنيسة كل الأمم" .. لذلك رُسم شعار كل من هذه الدول بالفسيفساء على السقف، وفى إكليل الشوك البرونزى حول الصخرة. 

وعلى واجهة الكنيسة من الخارج فسيفساء بديعة تمثل السيد المسيح الذى يُقدم للآب آلام البشرية كلها. وتحت هذه اللوحة تماثيل الإنجيليين الأربعة وفوقها الصليب، وعن جانبيه أيلان، مما يذكرنا بكلمات المزمور " كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه، هكذا تشتاق نفسى إليك يا الله " (مزمور 42 : 1 – 11). 
ودرج المدخل تم بناؤه سنة 1959م، ويمكن مشاهدة بقايا الكنيسة الصليبية عن يمين الكنيسة الحالية. ونشاهد إلى اليسار من الكنيسة ثمانى أشجار زيتون قديمة، يُقدر علماء الأحياء عمرها بالألفى سنة أو أكثر بقليل، وهناك تقليد مُسلَّم يقول أن التلاميذ الثلاثة كانوا نائمين تحت إحداها. وتضم حديقتها ثماني أشجار زيتون من الفترة الرومانية.

كنيسة قبر السيدة العذراء 
"فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى" (لوقا1 : 48) 

موقع الكنيسة وتاريخها: بعد عبورنا وادى قدرون مباشرة، وإلى اليسار، نكون عند سفح جبل الزيتون، نجد درج يهبط إلى " كنيسة قبر السيدة العذراء " والذى بقاياه يمكن رؤيته حتى يومنا هذا. ومن المعروف أن جسد القديسة مريم أُصعد إلى السماء بعد نياحتها، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعيد لتلك المناسبة فى 16 مسرى الموافق 22 أغسطس من كل عام. 

ويشهد الكتّاب أن الموقع كان مكرما منذ القرن الثانى للميلاد ومن ثمّ تحول إلى كنيسة. وقد كرسها للعذراء والدة الله يوفينال بطريرك القدس في وقت لاحق بعد مجمع خلقيدونية (431). بنى الأمبراطور ماوريتسيو كنيسة فوق الكنيسة القديمة وذلك عام 490 وهي الكنيسة التى تحمي القبر المكرم. على الطراز البيزنطى، وقد هدمها الفرس سنة 614م. ثم شيد الصليبيون على أطلالها كنيسة أخرى فى القرن الحادى عشر، وتلك أيضاً هُدمت. فبنى فوقها الآباء الفرنسيسكان الكنيسة الحالية، وأهتموا بها قرابة ثلاثة قرون، غير أن الأتراك طردوهم منها سنة 1757م وسلّموها ليد طائفة الروم الأرثوذكس، بعد هذا بقليل انتزع الأرمن الأرثوذكس جزءاً منها، فصارت مشتركة بينهما. وتوجد لكل من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية، حقوق الصلاة فى هذه الكنيسة فى أوقات ثابتة ضمن اتفاقية الوضع الراهن " Status Quo ". 

    و آل وضع الأقباط إلى مجرد حق إقامه القداس الإلهى فى ذلك الهيكل فى يومى الأربعاء والجمعه طوال السنه عدا صوم العذراء الذى يبد من 7 اغسطس حتى 22 اغسطس  فتقام فيه القداسات يوميا وصلاة القداس الالهى يوم سبت لعازر.

ويوجد بداخل الكنيسة، على يمين الداخل مذبحاً على اسم يواقيم وحنّة، وعلى اليسار مذبحاً آخر على اسم القديس يوسف خطيب مريم العذراء.