محرر الأقباط متحدون
كتب مدير التحرير في الفاتيكانية'> دائرة التواصل الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقالاً بعنوان "المغفرة الوقائية"، سلط فيه الضوء على هذا المفهوم الذي تحدث عنه البابا لاون الرابع عشر في تعليمه الأسبوعي يوم أمس الأربعاء، والذي يعكس معنى الرحمة المسيحية، التي هي بمثابة معانقة مجانية تُعطى بدون شروط مسبقة، فضلاً عن كونها بالغة الأهمية من أجل السلام.
ذكّر المسؤول الفاتيكاني بأن المغفرة الحقيقية لا تنتظر التوبة، بل تقدم نفسَها كهبةٍ مجانية كما قال البابا، مضيفاً أن هذا هو المنطقُ الإلهي الذي يختلف عن منطق الإنسان، وهذه هي "المغفرة الوقائية" التي تُقدَّم من خلال معانقة الرحمة وبعيداً عن أي شرط مسبق، تماماً كما حصل مع زكّا العشّار الذي تاب لأن الرب دعاه وحلَّ ضيفاً في بيته، إزاء دهشة الجميع نظراً لكسر التقاليد والأعراف التي كانت متّبعة آنذاك في الناصرة.
أضاف تورنييلّي أن حياتنا وعلاقاتِنا هي اليوم بأمسّ الحاجة إلى هذه المغفرة، التي هي ليست عبارة عن النسيان وليست مؤشر ضعف. وتوقف في هذا السياق عند رسالة يوحنا بولس الثاني لمناسبة اليوم العالمي للسلام ٢٠٠٢، عندما كان العالم كلُّه يتحدث عن "الحرب الوقائية" في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إذ كتب البابا فويتيوا أن "لا سلام بدون عدالة ولا عدالة بدون مغفرة"، وتحدث عن قناعته، في ضوء التأمل والوحي البيبلي، بأنه لا يمكن للعالم أن يستعيد النظام الذي تعرّض للخلل إلا من خلال التوفيق بين العدالة والمغفرة'> العدالة والمغفرة، لافتاً إلى أن ركيزتَي السلام الحقيقي هما العدالةُ وهذا الشكل المميَّز للمحبة الذي هو المغفرة.
وأكد يوحنا بولس الثاني آنذاك أن هذا المفهوم ينطبق على العائلات والجماعات والبلدان، كما على الجماعة الدولية المدعوة إلى الانفتاح على المغفرة لإعادة نسج العلاقات الممزّقة، وتخطي الأوضاع العقيمة للتنديد المتبادل، وللتغلب على تجربة إقصاء الآخر، مشيراً إلى أن القدرة على المغفرة ينبغي أن تكون ركيزةً لكل مشروع في مجتمع أكثر عدلاً وتضامنا.
وذكّر تورنييلي بأن البابا فويتيوا كتب أن غياب المغفرة، خصوصاً عندما يغذّي استمرارَ الصراعات، تترتب عليه كلفةٌ كبيرة على صعيد نمو الشعوب، لاسيما عندما تُنفق الموارد على التسلّح عوضاً عن تخصيصها لتحقيق التنمية وإحلال السلام وتطبيق العدالة، معتبراً أن البشرية تعاني كثيراً لأنها لا تعرفُ المصالحة ولا المغفرة. كما أكد البابا الراحل أن السلام هو شرط أساسي للنمو، لكن السلامَ الحقيقي يتحقق فقط من خلال المغفرة.
ختاماً لفت المسؤول الفاتيكاني إلى أن لاون الرابع عشر شدد بالأمس على هذا المفهوم عندما قال إن السلام لا يتحقق بدون المغفرة، لذا فإن عالمَنا اليوم هو بأمسّ الحاجة إلى هذه "المغفرة الوقائية".