دكتور بول غبريال - راعي الكنيسة العربية الكتابية - شيكاجو
“قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ!” (يوحنا 14: 9)
لم يكن قول يسوع عتابًا عابرًا لتلميذه، بل كان جرس إنذار جلل في أعماق فيلبس، كاشفًا عن مأساة قديمة ومتجدّدة لمعظمنا: أن نعرف الكثير عن يسوع، لكننا لم نتعرف عليه "هو" شخصيًّا.
لقد عاش التلاميذ مع الرب، ورأوا مجده في المعجزات، وسمعوا كلماته التي لم يتكلّم بها قط إنسان، وشهدوا سلطانه على الطبيعة والأرواح وحتى الموت. ومع ذلك، بقي أمامهم بعدٌ لم يبلغوه: معرفة القلب، لا مجرد معرفة العقل.
المسيح لم يأتِ فقط ليبهرنا بقدرته، بل ليجعلنا شركاء حياته. هو “الطريق والحق والحياة” (يوحنا 14: 6)،
المسيح يريد أن يكون محور كياننا، لا ضيفًا موسميًّا في حياتنا.
هو الراعي الصالح الذي “يَدْعُو خِرَافَهُ بِأَسْمَائِهَا وَيُخْرِجُهَا” (يوحنا 10: 3)، وخبز الحياة الذي يشبع أعماق الجائعين إليه (يوحنا 6: 35). هو النور الذي يبدّد الظلام (يوحنا 8: 12)، والحق الذي يحرّر (يوحنا 8: 32)، والحياة التي لا موت فيها (يوحنا 11: 25).
أي وصف يكفي لتجسيد محبته؟ أي كلمات تحتضن مجده؟ إنه الألف والياء، البداية والنهاية (رؤيا 22: 13)، وفيه “نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ” (أعمال 17: 28).
فلنقترب منه لا كغرباء يطلبون معجزة، بل كأحباء يريدون قلبه. ولنسمع صوته اليوم يقول: “هأَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ” (رؤيا 3: 20)، فندعوه ليدخل، لا ليكون ضيفًا، بل سيّدًا وربًّا على كل حياتنا.
صلاة
يا ربّ يسوع،
سامحني إن كنت قد عرفت عنك الكثير، لكن لم أعرفك أنت كما تريد، افتح عيني قلبي لأراك، وأذني لأسمع صوتك، وأعماقي لأختبر محبتك.
اجعلني لا أطلبك لأجل عطاياك فقط، بل لأجلك أنت، لأنك أنت كنزي الحقيقي ومصدر حياتي. علّمني أن أسير خلفك بطاعة، وأثق بك في الضيق، وأتشبّث بك في التجربة، وأفرح بك في كل حين.