دكتور بول غبريال- راعي الكنيسة العربية الكتابية - شيكاجو
كثيراً ما يملؤنا الحماس وتتملكنا العاطفة في علاقاتنا مع المسيح، ونظن أننا قادرون أن نصمد في مسيرة التلمذة مهما كانت الصعوبات!
لكن سرعان ما تذبل تلك الحماسة أمام أول ريح معاكسة أو تجربة قاسية. فالمشاعر وحدها، مهما بدت صادقة، ليست كافية كي تقودنا في مسيرة التلمذة لأكثر من أيام معدودة.
نعم.. لقد انجذبنا للمسيح برابط العاطفة الإنسانية، لكن هذا وحده لايكفي نظراً لأن العاطفة البشرية بطبيعتها متقلبة ومتغيرة.
كثيراً ما يكون لسان حالنا كقول بطرس، الذي قال بثقة:
“وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا… وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ” (متى 26: 33-35)
لكن الرب يسوع لم يمدح عاطفة بطرس المتوهجة، بل كشف له الحقيقة وقال له:
“الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ، تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ” (متى 26: 34)
كلام الرب لبطرس لم يكن إحباطاً، بل إنقاذاً من خداع النفس .. فلو تركنا الرب نعتمد على قوتنا البشرية، لإنزلقنا في وهمٍ ينتهي بالسقوط.
الرب يسوع يعرف طبيعتنا أكثر مما نعرف أنفسنا، لذلك يكشف لنا أن ما هو مولود من الجسد لا يمكن أن يثمر حياة روحية ثابتة:
“اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ” (يوحنا 3: 6)
لكي نكمل السباق ونسعى لمجد الله، نحتاج أن نغرس قلوبنا في النبع السماوي، في قوة الروح القدس، الذي لا يعتمد على الظروف ولا يتأثر بتقلب المزاج. لأن ثباته مستمد من ثبات الله نفسه:
“أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ” (ملاخي 3: 6)
إذًا، فلنحوّل اتكالنا علي حرارة العاطفة المتغيرة إلى عمل الروح القدس الثابت، فهو وحده القادر أن يثبتنا في الخدمة، ويقودنا في طريق التلمذة حتى النهاية، “لأَنَّهُ اللهُ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ” (فيلبي 2: 13).