محرر الأقباط متحدون
في وقت يستعد فيه البابا لاون الرابع عشر للعودة إلى المقر الرسولي الصيفي بكاستيل غندولفو عصر الثالث عشر من هذا الشهر أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع أسقف ألبانو المطران فنشنسو فيفا الذي اعتبر أن زيارة الحبر الأعظم هذه وتناوله مأدبة الغداء مع الفقراء يشكلان شهادة يقدمها راعٍ يصر على الوقوف إلى جانب الأشخاص المحتاجين حتى خلال العطلة وفترة النقاهة.

استهل سيادته حديثه لافتا إلى أن أبناء أبرشية ألبانو تلقوا بفرح كبير هذا النبأ، وأوضح أن المبادرة الخيرية التي شاءها البابا جاءت تلبية لاقتراح تقدم به مركز الأصغاء التابع لهيئة كاريتاس المحلية. وقال إن الاستعدادات جارية لتنظيم الزيارة البابوية، على الرغم من ضيق الوقت، وها هي الرعايا، التي تدرك تماما الواقع المحلي، تسعى إلى تلبية رغبة الحبر الأعظم الذي أراد أن يلتقي بالفقراء ويحتفل معهم بالقداس الإلهي ويتناول معهم طعام الغداء أيضا. ولم يُخف سيادته قلقه حيال المهام المتعبة التي تنتظر لاون الرابع عشر، لافتا إلى أن بداية حبريته كانت حافلة بالاحتفالات واللقاءات، لاسيما وأنها تزامنت مع السنة اليوبيلية.

وروى أنه تأثر جداً عندما شاهد البابا يسير في شوارع روما حاملاً القربان المقدس، لمناسبة الاحتفال بعيد جسد الرب، وهو لم يوفر جهداً للقيام بواجباته. وقال المطران فيفا إنه يخشى أن يعاني الحبر الأعظم من التعب الشديد بعد أن أضيف هذا اللقاء على جدول الأعمال خلال الاستراحة الصيفية، مع أن لاون الرابع عشر يصر على لقاء الأشخاص والتعرف على واقع الأبرشية.

مضى الأسقف الإيطالي إلى القول إن الفقراء، بالنسبة للكنيسة، ليسوا مشكلة تنتظر الحلول، إذ إنهم يجسدون حضور الرب يسوع الذي يكشف نفسه للعالم. واعتبر أن اللقاء مع الفقراء، ليس فقط اللقاء مع الله، بل هو أيضا لقاء مع أنفسنا، لأنه بمثابة مرآة تعكس الفقر الموجود داخل كل واحد منا، موضحا أن هذا الفقر قد لا يكون مادياً بالضرورة إنما فقر في العلاقات، وفقر نفسي أو حتى خلقي. وقال إن أبرشية ألبانو تولي هيئة كاريتاس اهتماماً كبيراً، وهذا يصح على كامل التراب الوطني حيث تضع الأبرشيات الأنشطة الخيرية في صلب عملها الرعوي.

بعدها أكد سيادته أن مواقف البابا لاون الرابع عشر تجاه الفقراء لا تقتصر على تقديم المساعدة وحسب إذ إنها ترتكز على اللقاء مع الأشخاص والتعرف على قصصهم والتعبير عن القرب منهم كي يشعروا أنهم عناصر فاعلة داخل الكنيسة وفي حياة المجتمع. ومن هذا المنطلق – تابع يقول – لا بد أن يلعبوا دوراً ريادياً في حياة الكنيسة، ومن الجميل جداً أن البابا يولي هذا الأمر اهتماماً كبيرا.

هذا ثم لفت المطران فيفا إلى أن الحبر الأعظم لن يأتي إلى كاستل غندولفو وبلدة ألبانو ليلتقي بالفقراء وحسب، إذ يرغب في لقاء أبرشية تعتني بالأشخاص، لاسيما المحتاجين والمشردين، موضحا أن ثمة أشخاصا كثيرين ينامون في سياراتهم، وقال إن هيئة كاريتاس المحلية تدير ثلاثة بيوت للضيافة، من بينها بيت يقيم فيه الآباء الذين انفصلوا عن زوجاتهم، وهو مشروع رائد في إيطاليا. وسلط سيادته الضوء في هذا السياق على أنواع غير منظورة من الفقر، مشيرا إلى وجود عائلات كثيرة لديها دخل شهري، لكنها تجد نفسها عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية.

وأوضح سيادته أن الكنيسة تسعى إلى التعامل مع الأشكال المتعددة للإقصاء الاجتماعي، مشيرا إلى وجود العديد من الفتيان العاجزين عن المشاركة في نشاطات تبدو طبيعية بالنسبة لأترابهم. من هذا المنطلق، أضاف سيادته، أنشأت الأبرشية شبكة من مراكز الإصغاء التي باتت متواجدة في الرعايا كافة، وتحاول من خلالها رصد كل أشكال من التهميش والفقر والعوز. وقال إن هناك عائلات كثيرة تنعم بالرخاء في ألبانو، كما هي الحال في إيطاليا كلها، لكن يقابل هذا الرخاء انتشار مقلق للفقر ولانعدام العلاقات الاجتماعية.

وأكد أسقف ألبانو في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني أن لقاء البابا المرتقب مع الفقراء سيلفت انتباه الرأي العام نحو واقع موجود، ألا وهو ظاهرة الفقر التي غالباً ما نسعى إلى نسيانها أو إخفائها.