بقلم: هاني صبري – الخبير القانوني والمحامي بالنقض
أثار صدور قانون الإيجار الجديد رقم 164 لسنة 2025 جدلاً واسعاً بين الأوساط القانونية والمجتمعية، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد يرى فيه تحقيقًا للعدالة وإنصافًا لحقوق الملاك، ومعارض يخشى من انعكاساته السلبية على الفئات الضعيفة اقتصاديًا من المستأجرين
يتساءل الكثير من الملاك والمستأجرين عن موعد سريان القانون وقيمة الأجرة الجديدة ومتى تبدأ الزيادة؟
بحسب نص القانون، يبدأ تطبيقه من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 4 أغسطس 2025، أي اعتبارًا من 5 أغسطس 2025.
وتُستحق الزيادة في الأجرة الشهرية وفقا لنص المادة الرابعة من القانون، اعتبارًا من أول سبتمبر 2025
وستكون الأجرة الشهرية المؤقتة 250 جنيهًا شهريًا حتى تنتهي لجان الحصر من تقسيم المناطق إلى متميزة ومتوسطة واقتصادية.
بعد التصنيف، ستحدد الأجرة النهائية كالتالي¹:
- * المناطق المميزة ا*: 20 ضعف القيمة الإيجارية القانونية السارية، بحد أدنى 1000 جنيه.
- المناطق المتوسطة: 10 أمثال القيمة الإيجارية القانونية السارية، بحد أدنى 400 جنيه.
- المناطق الاقتصادية: 10 أمثال القيمة الإيجارية القانونية السارية، بحد أدنى 250 جنيه.
ويُطبق هذا القانون على الوحدات السكنية وغير السكنية المؤجرة للأشخاص الطبيعيين قبل 31 يناير 1996.
لكن السؤال الأهم الذي يشغل ملايين المستأجرين: هل أصبح قانون الإيجار الجديد أمرًا واقعًا لا رجعة فيه؟
الإجابة: لا. فالقانون لا يزال محل جدل قانوني، ومن المرتقب أن يُطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا، التي تملك وحدها سلطة الحكم النهائي في مدى دستوريته.
هل يوجد شبهة بعدم دستورية القانون؟
في تقديري الشخصي، توجد بالفعل شبهة قوية بعدم الدستورية، ويمكن تلخيص أبرز النقاط فيما يلي:
1. مخالفة مبدأ الأمن القانوني واستقرار المراكز القانونية:
• أن عقود الإيجار القديمة نشأت في ظل قوانين قائمة، وإعادة النظر فيها بأثر رجعي يمس الاستقرار القانوني ويضر بمبدأ حماية الثقة المشروعة ويهدر مبدأ استقرار العلاقة القانونية بين الأطراف.
ونري لكي يكون هذا القانون يراعي العدالة الاجتماعية أكثر، ويضمن الحقوق دون الإضرار بالمصالح لطرفي العلاقة الإيجارية عدم طرد المستأجر الأصلي ، ويكون الامتداد لورثته من بعده للدرجة الأولي فقط.
أن عقد الإيجار هو حق مالي ينتقل إلى ورثة المستأجر بوفاته وفقاً لحكم المادتين 601، 602 من القانون المدني والتي تحكم العلاقات الإيجارية عند عدم وجود ما يخالفها في قوانين إيجار الأماكن.
2. تعارض مع حكم المحكمة الدستورية العليا (2002):
أكدت المحكمة في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية أن الامتداد القانوني لعقود الإيجار – خاصة لغير السكن – لا يجوز المساس به تعسفًا دون مبرر جوهري. وسبق وان قررت المحكمة الدستورية، حيث إن العقود التي يقيمها أطرافها وفق نصوص الدستور ذاتها، لا يجوز أن ينهيها المشرع، ولو عارضتها مصلحة أياً كان وزنها
3. الإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص:
يتعامل القانون مع المستأجرين بتمييز دون مبرر موضوعي، ما يُخل بمبدأ المساواة المنصوص عليه دستوريًا.
4. تجاهل الحق الدستوري في السكن:
المادة (78) من الدستور تنص على أن “تكفل الدولة الحق في السكن الملائم والآمن”، في حين أن تطبيق القانون قد يؤدي إلى حالات إخلاء قسري دون توفير بدائل.
5. عدم التزام البرلمان بأحكام المحكمة الدستورية:
تجاهل حكم 2002 يعد خرقًا للالتزام التشريعي بعدم إصدار قوانين تتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية، ما قد يفتح الباب للطعن على القانون.
رغم الحاجة إلى إصلاح منظومة الإيجارات القديمة وتحقيق العدالة للمالك، فإن الصيغة الحالية للقانون تتطلب مراجعة دقيقة لضمان التوافق مع أحكام المحكمة الدستورية ومبادئ الدستور. كما أن استمرار الامتداد القانوني للمستأجر الأصلي وورثته من الدرجة الأولى فقط قد يكون حلاً يراعي العدالة الاجتماعية والقانون.
لا داعي للقلق، فما زال الأمل قائماً، والحكم الفصل سيكون بيد المحكمة الدستورية العليا، باعتبارها الجهة الوحيدة المختصة برقابة دستورية القوانين، وأحكامها ملزمة لكافة سلطات الدولة وفق المادة (195) من الدستور.
فلنثق جميعاً في قضاء مصر الشامخ، ولنعمل على تغليب مصلحة الوطن والعدالة فوق أي اعتبارات فردية أو مصالح ضيقة. حفظ الله مصر وشعبها العظيم من كل سوء .