الأب جون جبرائيل الدومنيكاني
دانتي (١٢٦٦٠-١٣٢١) في النشيد الثاني عشر من الكوميديا الإلهيّة "الفردوس" (Paradiso XII) يقدّم القدّيس دومنيك من خلال صوت القدّيس بوناڤنتورا الفرنسيسكانيّ، في مشهدٍ لافت حيث يمدح فرنسيسكانيٌّ القدّيسَ دومنيك، وفي النشيد السابق ١١ (XI) كان القدّيس توما الأكويني الدومنيكاني يمدح القدّيس فرنسيس.
هذه التقنية الأدبية تسمّى أحيانًا "المديح المتبادل" (laudatio reciproca)، وهي ترمز إلى وحدة الرسالة بين الفرنسيسكان والدومنيكان في خدمة الكنيسة، مع وجود الاختلافات الروحيّة والتنظيمية والإداريّة بينهما.
كيف يصف دانتي القدّيس دومنيك؟
يقدّمه على أنّه "العاشق المخلص للإيمان المسيحيّ"، و"الرياضيّ من أجل المسيح" (athleta Christi) الذي كان رحيمًا بأتباع الحقّ وقاسيًا على أعداء الحقيقة.
يربطه بميلاده العجيب في كالرويجا بإسبـانيا تحت حماية الله، ويشير إلى امتلائه بالفضيلة منذ بطن أمه.
يصفه بأنه "الفلاح في كرم المسيح"، أرسله الله ليواجه انحرافات الكنيسة والهرطقات، وليعيد الشعب الضالّ إلى الحق.
يركّز على غيرته الرسوليّة، إذ طلب من البابا الإذن بمحاربة الضلال لا الامتيازات المادّيّة.
يشبّهه بـسيلٍ جارف (torrent) يقتحم أحراش الهرطقة في أكثر مواقعها مقاومةً.
يراه "إحدى العجلتين" في عربة الكنيسة (العجلة الأخرى هي القدّيس فرنسيس الأسيزيّ)، من دونها لا تسير العربة.
كيف يربطه بفرنسيس الأسيزيّ؟
دانتي يجعل العلاقة بينهما تكامليّة:
دومينيك: المدافع عن العقيدة، المعلّم، محارب الهرطقات، يركّز على التعليم الصحيح وحراسة الإيمان.
فرنسيس: شاهد المحبّة والفقر الإنجيليّ، المصلح بحياته وفقره، يركّز على تجديد الروح.
كلاهما جاء في وقت كانت الكنيسة في أزمةٍ روحيّة وأخلاقيّة، فكلاهما "بطل من أبطال العناية الإلهيّة".
يوحّدهما دانتي في الصورة الرمزية لعجلتي العربة التي تحمل الكنيسة، حيث يجب أن تتوازى القوّتان حتّى تمضي المسيرة.
بهذا، دانتي لا يكتفي بسرد سيرة دومنيك، بل يضعه في حوارٍ روحيّ مع فرنسيس، ويجعل العلاقة بينهما علامةً على وحدة التنوّع في خدمة المسيح.
راجع دانتي، الفردوس، النشيد ١٢، ترجمة حسن عثمان، دار المعارف، مصر.
الأب جون جبرائيل الدومنيكاني