القمص رويس الجاولى
( المسيحية في العصور الحديثة )
دخلت الأراضي الأردنية تحت الحكم العثماني في أعقاب هزيمة المماليك أمام العثمانيين عام 1516 في معركة مرج دابق، وبقيت الأردن جزءًا من هذه الإمبراطورية من عام 1516 حتى عام 1918.
كفلت الدولة العثمانية الحرية الدينية نظريًا وفق «نظام الملل»، حتى 1831 لم يكن هناك مساواة بين المواطنين، وكان محمد علي أول من أدخل قضية المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين وعادت الدولة عبر خط كلخانة بتبنيها عام 1839، وأعادت التأكيد على ذلك في الخط الهمايوني عام 1856؛ بكل الأحوال فإن الوظائف الإدارية والقضائية ظلت شبه محصورة بالمسلمين السنّة، واستمرت حماية الدول الأوروبية للمسيحيين، كما أن المساواة لم تشمل فعليًا مجال الخدمة العسكرية والانخراط في الجيش، إذ استمرّ غير السنّة بدفع بدل نقدي، يبلغ مجيديين سنويًا أي خمسي الليرة العثمانية الذهبية عن كل ذكر بين السادسة عشر والسبعين ثم عدلت لتصبح بين العشرين والأربعين.
أما أبرز ما سقط فهو الجزية، ومنع تعييرات المسيحيين واليهود، وفي عام 1841 أصدر الباب العالي فرمانًا آخر يقضي بتجريم التمييز بين سكان سوريا العثمانية على اختلافهم. في عام 1883 تأسست على يد ماري ألفونسين «راهبات الوردية المقدسة» برفقة ثمانية فتيات أخريات. وقد تمت الموافقة على قوانين الرهبنة عام 1897 ونمت بسرعة وازداد عدد المنتسبات لها، ثم أصبحت عام 1959 رهبنة حبريّة أي تتبع مباشرة للكرسي الرسولي. جالت ماري ألفونسين في مناطق عدة ضمن مهمة التدريس والإرشاد والتمريض في الناصرة والسلط وغيرها من الأماكن في فلسطين والأردن.
+++ بعد أن أصبحت مدينة عمان مركزًا رئيسيًا على طول خط حديد الحجاز في عام 1914، هاجرت العديد من عائلات التجار المسلمين والمسيحيين من السلط إلى المدينة. أثناء الثورة العربية الكبرى بين عام 1916 وعام 1918 قاتل المسيحيون ضد الأتراك إلى جانب المسلمين العرب. ساعد المسيحيون في بناء الأردن، ولعبوا أدوارًا قيادية في مجالات التعليم، والصحة، والتجارة، والسياحة، والزراعة، والعلوم، والثقافة، والعديد من المجالات الأخرى.
تسببت حرب عام 1948 في نزوح جماعي للاجئين المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، ومعظمهم قدم من يافا والرملة واللد، إلى مدينة عمان. ففي أعقاب حرب 1948 التي أفضت إلى ميلاد دولة إسرائيل، مُسحت عن الوجود قرى مسيحية بأكلمها على يد العصابات الصهيونية وطرد أهلها أو قتلوا، وهكذا فإن كنائس اللد وبيسان وطبرية داخل إسرائيل حاليًا إما دمرت أو أغلقت بسبب عدم بقاء أي وجود لمسيحيين في هذه المناطق، يضاف إلى ذلك وضع خاص للقدس فأغلبية القدس الغربية كانت من مسيحيين قامت العصابات الصهيونية بمسح أحيائها وتهجير سكانها وإنشاء أحياء سكنية يهودية فيها لتشكيل «القدس الغربية اليهودية» وهكذا فكما يقول المؤرخ الفلسطيني سامي هداوي أن نسبة تهجير العرب من القدس بلغت 37% بين المسيحيين مقابل 17% بين المسلمين، مقابل ذلك ظهرت رعايا جديدة في الشتات الفلسطيني فكنيسة عمان التي كانت تعد بضع مئات وصلت إلى عشرة آلاف نسمة نتيجة التهجير، ونشأت تسع كنائس جديدة في الزرقاء للاتين وحدهم.
في عام 1952، أعلن الأردن أن الإسلام هو الدين الرسمي، ووفقًا للأستاذ الإسرائيلي يهودا زفي بلوم، تم تطبيق ذلك في القدس والتي كانت تحت السيطرة الأردنية. وفي عام 1953، قام الأردن بتقييد حق الجماعات المسيحية من امتلاك أو شراء الأراضي بالقرب من الأماكن المقدسة، وفي عام 1964، منعت المزيد من الكنائس من شراء الأراضي في القدس.
وتم الإستشهاد بهذه الأفعال، بالإضافة إلى قوانين جديدة أثرت على المؤسسات التعليمية المسيحية، من قبل كل من المعلق السياسي البريطاني بات يور وعمدة القدس تيدي كوليك كدليل على أن الأردن سعى إلى «أسلمة» الحي المسيحي في البلدة القديمة في القدس. ومن أجل مواجهة تأثير القوى الأجنبية، والتي أدارت المدارس المسيحية في القدس بشكل مستقل منذ العهد العثماني