الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
اليوبيل والرجاء
في قلب التقليد المسيحيّ، تُعدّ سنة اليوبيل زمنًا مميزًا (كايروس): سنة للرحمة، تسامح في الديون، إطلاق السجناء، وتحرير العبيد، وعودة الأرض إلى أصحابها. يُعدّ اليوبيل إعلانًا للتجديد الاجتماعيّ والروحي، وفرصة لتصحيح العلاقات وإعادة البناء الجماعي على أساس العدل والمحبة.

اليوم، وفي زمن الاحتفال بيوبيل الرجاء مع الكنيسة والبابا، نرنو إلى الربط بين هذا التقليد الكنسي الغني ولاهوت الرجاء عند يورجن مولتمان. كيف نستطيع أن نعيش اليوبيل، ليس فقط على أنّه فكرةٌ رمزيّة، بل واقع حيّ يغيّر داخلنا ومحيطنا؟

لاهوت الرجاء عند مولتمان: قيامة المسيح قاعدةً للمستقبل
في كتاب لاهوت الرجاء (Theologie der Hoffnung)، يجمع مولتمان بين حدث القيامة والوعد الإلهيّ بمستقبل لم يحن بعد، لكنّه حاضر منذ الآن. الرجاء المسيحيّ هنا ليس فكرة مطوية في ماضٍ عابر، ولا أمنية تُطبَّق لاحقًا، بل هو جملة من الرجاء:

 المستقبل قد بدأ جاريًا منذ قيامة المصلوب.

يقوم الرجاء بدورٍ حيّ داخل الوجود: لا يُسكت الواقع المعاصر، بل يُحرّكه بتحوّل وفتح نحو المستقبل.

هذا الرجاء المبنيّ على القيامة يجعلنا نحيا في توتّر بين الحاضر والمستقبل، ويمنحنا شجاعة العمل اليوم ضمن رؤيا خلاصيّة.

-اليوبيل هو إعلانٌ لوعدٍ جديد، يتجسّد فيه خلاص جديد في الحاضر، هنا والآن.

اليوبيل ليس فقط وقتًا استثنائيًّا من المناسباتالكنسيّة، بل هو رمز لوعي أنّ الله لا يعيدنا فقط إلى ما كان، بل يبدأ جديدًا في السياق الذي نعيش فيه.
تساؤل محوري: كيف استطاعت الكنيسة سابقًا أن تجعل من اليوبيل صحوة للرجاء الاجتماعي؟ وكيف يمكننا اليوم أن نجعله مدخلًا لتطبيق الرجاءعلي الصعيد النفسي، والاجتماعي، والروحي؟

في زمن الاحتفال باليوبيل، تُطرَح أمامنا دعوة حقيقية: دعوة للرجوع إلى الله الذي هو "إله الرجاء"، والعودة إلى مستقبلٍ يبدأ من شفافية القلوب، وعدالة المجتمع، وغنى الروح.

فلا نحتفل باليوبيل لمجرد تاريخ أو عادة، بل على أنّه سنة تجدّد وترميم جديدة للأرض والإنسان — ربيع أمل ينمو من القيامة في داخلنا ويفتح طريق المستقبل أمامنا.

الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
#يوبيل_الرجاء_2025