القمص رويس الجاولى
سادساً: تحت حكم الانجليز
++++ خلال الإستعمار الإنجليزي لعدن منذ عام 1839 تواجدت أقليات مسيحية وبارسية وافدة رحل معظمهم برحيل الإنجليز عام 1967. وتذكر المصادر التاريخية، أن الآلاف توافدوا خلال هذه الفترة إلى عدن من دول وقارات عديدة، واستقبلت المدينة هجرات متنوعة بعضها كان بدعم من السلطات البريطانية الحاكمة بهدف التأثير على التركيبة السكانية التي كان العنصر العربي واليمني خاصة هو الغالب فيها. وبنى المسيحيون في القرن التاسع عشر والقرن العشرين إبان الإستعمار الإنجليزي، عددًا من الكنائس، منها كنسية القديس أنتوني، ولا تزال قائمة حتى اليوم في منطقة التواهي «جنوب غرب عدن»، وتمارس شعائرها الدينية أسبوعيًا، كما تقدم الكنيسة بعض الخدمات الصحية للمرضى بشكل مجاني. وبنيت الكنيسة عام 1863 لتكون حامية للقوات البريطانية في عدن، وكانت الملكة فكتوريا ممن تبرعوا لبنائها. وظلت تقوم بمهامها حتى العام 1970، بعد ثلاث سنوات من الانسحاب البريطاني في عام 1967، حين استولت الحكومة في جنوب اليمن على المبنى، وتم استخدامه ليكون بمثابة مرفق تخزين حكومي، وصالة للألعاب الرياضية في وقت لاحق، حتى إعادة توحيد شمال اليمن وجنوبه عام 1990. ومن عام 1987 حتى عام 1993 كان أسقف قبرص والخليج جون براون يجري مفاوضات مع حكومة جنوب اليمن، وبعد ذلك حكومة اليمن الموحدة، لإعادة الكنيسة إلى الأبرشية، وتم الاتفاق على أن تقوم الكنيسة ببناء وتمويل وتشغيل عيادة طبية للأمهات والأطفال.
+++ وترجح بعض المصادر أن أقلية يمنية تعود في أصولها إلى العرق الهندي قطنت اليمن منذ مئات السنين، ما زالت تعتنق الإيمان المسيحي ولكنها لا تتمتع بالحقوق الوطنية والشخصية التي يكفلها الدستور، ما خلا حق الانتخاب وممارسة شعائرها الدينية داخل دور عبادة مخصصة لها. وفيما يخص الشعائر الدينية وأماكن العبادة، توجد في مدينة التواهي بعدن الكنيسة الأنجليكانية أو كنيسة المسيح، وهي كنيسة قديمة يعود بناؤها إلى خمسينيات القرن العشرين إبان الوجود البريطاني في عدن. وتتبع هذه الكنيسة المجمع الكنسي في لارنكا بقبرص، لكنها ومنذ إعادة افتتاحها عام 1995 ماتزال تدار مؤقتًا من قبل الإدارة الإنجليكانية في دبي بدولة الإمارات، ويوجد في الكنيسة مركز طبي كنسي ملحق بها يقدم الخدمات الصحية للسكان المحليين. وحتى فترة قريبة ظلت الكنيسة المعمدانية في مدينة «كريتر» بعدن أكبر الكنائس، ولكنها ألغيت وتحول مبناها إلى منشأة حكومية. كما توجد في المعلا بعدن مقبرة مسيحية تضم رفات كثير من المسيحيين وتُشرف كنيسة المسيح بالتواهي على هذه المقبرة. وتخلو المحافظات الشمالية من أية كنيسة، لكن الأجانب المسيحيين يقيمون صلواتهم يوم الأحد بانتظام في بيوت خاصة. وبوجه عام فالمسيحيون اليمنيون يمنعون من القيام بحملات التبشير. وتشير بعض المصادر، في هذا السياق، إلى تعرض الرسائل الخاصة برجال الدين المسيحيين للمراقبة بانتظام، قبل الحرب الأخيرة. وقد تعرضت كنيسة المسيح لعملية تفجير بعبوة ناسفة في الأول من شهر يناير 2001، على يد أشخاص محسوبين على جماعات جهادية، أحدثت أضرارا مادية في مرافق الكنيسة. وبحسب مركز بيو للأبحاث قُدرت أعداد المسيحيين في اليمن عام 2010 بحوالي 40,000 نسمة. تراجع تواجد المسيحيين اليمنيين من أصل هندي كثيراً بعد ظهور تنظيم القاعدة عقب الحرب الأخيرة مع الحوثيين، وحرق وهدم الكنائس في كريتر عام 2016، ومجزرة دار الأم تريزا في عدن التي استهدف خلالها مسلحون دار عجزة في عدن، وقتلوا 15 شخصاً على الأقل بينهم أربع راهبات هنديات. بسبب هذه الظروف، رحل معظم الهنود المسيحيين إلى الهند بينما استقر البعض منهم في الإمارات.