سحر الجعارة
يسألونك عن مصير الفلسطينيين بالبقاء على أرض غزة بعدما صوت الكنيست الإسرائيلى لصالح مشروع قانون يدعو الحكومة إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، بالأغلبية.. قل: غزة التى تحولت إلى خرابات وأرض محروقة وجوع وعطش وعرى لا ترى إسرائيل فيها بشراً.. لهم حقوق تلتزم بها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والدول العربية، وتفرضها الإنسانية.
ثم يسألونك عن «حق العودة» للفلسطينيين.. قل لو كان لدى اللاجئين فى الشتات رغبة حقيقية وانتماء للأرض لرفعوا صوتهم من أجل العودة، ولم يكتفوا بالتظاهر دون أن يتبرع أحدهم بدولار لجوعى غزة وجرحاها: لى صديقة فلسطينية عملت بالإعلام العربى كثيراً على أرض مصر لديها مملتكات من العقارات والودائع الدولارية، شقيقتها متزوجة من وزير سابق فى السلطة الفلسطينية لم أرَ منها إلا نباحاً وصراخاً وعويلاً على السوشيال ميديا منذ الحرب على الغزة إلى جانب الهجوم الضارى على مصر (!!).
ثم يسألونك: وما مصير حل الدولتين والعودة إلى طاولة المفاوضات واتفاقية «أوسلو»؟.. قل منذ متى وإسرائيل تصون العهود وتلتزم بالانفاقيات؟؟.. فلماذا التزمت باتفاقية «كامب ديفيد»؟؟، لأن مصر لم ترفع السلاح فى وجوههم ولم تهاجمهم وحين تأزم الموقف حول تسلُّم «طابا» لجأنا للتحكيم الدولى.
أما مشروع القانون الذى وافق عليه الكينست فينص على أن: الضفة الغربية وغور الأردن «تشكلان جزءاً لا يتجزأ من الوطن التاريخى للشعب اليهودى»، ويدعو إلى اتخاذ خطوات استراتيجية لتثبيت ما وصفوه بـ«الحق التاريخى» وتحقيق الأمن القومى.
ويؤكد أن «هذه الخطوة ستوضح للعالم أن إسرائيل لن تقبل حلولاً تنطوى على تنازلات إقليمية خطيرة، وأنها ملتزمة بمستقبلها كدولة يهودية آمنة».. ولا يحمل مشروع القانون صفة الإلزام ولا يفرض على الحكومة خطوات تنفيذية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: «لا تترتب على اقتراحات جدول الأعمال أى آثار عملية، ولن تؤثر على الوضع القانونى للضفة الغربية».. هنا أقف لأحذر: لا تصدق إذاعة الحدود، فالسلطة الفلسطينية لم تعد فى مأمن رغم أن بعض سكانها الفلسطينيين يعملون مع إسرائيل، فحتى الغزاوية كانوا يدخلون إسرائيل كل يوم للعمل.
هل علمت الآن لماذا كانت محاولة توطين سكان غزة على الأراضى المصرية مطلب إسرائيلى سعت إليه أمريكا فى «صفقة القرن» أثناء حكم الإخوان؟؟ عرفت لماذا كان يصرخ العرب جميعاً: افتحوا المعبر يا مصاروة؟؟.. الآن لم يعد أمام إسرائيل إلا حل من اثنين: الأول أن تحكم إسرائيل غزة كما تحكم الضفة الآن وتسمح للفلسطينيين المقيمين فيها بالعمل وتضمن أمنهم وسلامتهم وتعيش إعمار غزة لتكفل لهم حياة كريمة.. وهذا فى ظل تجاهل العالم بأكمله لجرائم الحرب والتصفية العرقية التى يتعرض لها الفلسطينيون يصبح (أفضل الحلول).. لأن الحكم فى غزة جاء نتيجة انقسام فلسطينى، وهو ما شجَّع إسرائيل على ما حدث.. أما الحل الثانى وهو الأقرب إلى العقلية الصهيونية فهو اجتياح الأحياء فى غزة ودهسهم بالدبابات وهو أمر ليس بعيداً عن العقلية الصهيونية وسبق أن رأيناه على أرض غزة وغيرها!.
لكن بكل أسف فهذه سياريوهات شديدة التفاؤل. لأن رئيس مجلس «يشع» الاستيطانى، يسرائيل غانتس، دعا الحكومة إلى ترجمة هذا القرار إلى خطوات عملية، قائلاً: «نحن فى لحظة تاريخية لا يجب تفويتها. السيادة ستعزز أمن إسرائيل وتجسد حقنا فى هذه الأرض».. أما وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير فقال خلال النقاش: «أتوجه إلى رئيس الوزراء بنداء: دعونا لا ندخل فى صفقات متهورة. يجب أن تكون لنا سيطرة كاملة ومطلقة على غزة أيضاً. السحق، والسيادة، وتشجيع الهجرة، والاستيطان، هذا ما نحتاج إلى فعله فى يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أيضاً»
ركز قليلاً: «السحق، والسيادة، وتشجيع الهجرة، والاستيطان.. هذا ما نحتاج إلى فعله فى يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أيضاً».. إنه السيناريو الأسود الذى بدأ فى 7 أكتوبر 2023؟
حين قرأت هذا الخبر -على موقع سكاى نيوز عربية- لم يكن هناك ولا رد فعل عربى أو دولى.. باستثناء نائب الرئيس الفلسطينى حسين الشيخ، الذى قال تصريحاً جاء فيه أن هذه الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، تنتهك بشكل صارخ القانون الدولى والإجماع الدولى المستمر بشأن وضع الأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فى ذلك الضفة الغربية».. وكنت أود أن يقول لنا بالأساس: أين الرئيس الفلسطينى؟ ألا يستحق هذا الموقف المريع أن يصرح بنفسه وأن يتواصل مع كل دول العالم؟؟ ربما بعد الفاصل!
فهل كانت هجمات إسرائيل فى يونيو 2025 بغارات جوية مكثفة على عشرات الأهداف الإيرانية (عملية الأسد الصاعد) استعراضاً للقوة الإسرائيلية لإخافة الجميع؟.. ربما.
ما يهمنى هنا أنه ثبت بالدليل أن إسرائيل لن تتخلى عن «الضفة» ولن تتركها لحكومة فلسطينية.. وأنها سعت كما كانت دائماً لنقض اتفاق «أوسلو».. وما فكرة تهجير أهالى غزة إلا «خطوة» على رقعة الشطرنج من اللاعب الإسرائيلى مع ثقة تامة بأنهم سوف يهاجمون بعدها «غزة» التى هُجروا منها قسراً فترد إسرائيل وتتوغل داخل الأراضى المصرية.. وهذا السيناريو تبدل الآن فقررت إسرائيل البدء بغزة ثم الضفة وغور الأردن.
نحن شهود أسوأ مرحلة فى هوان العرب: سقوط بغداد ثم تقسيم العراق، ضياع سوريا بالطائفية.. والقادم أسوأ.
نقلا عن الوطن