شريف منصور
تعيش مصر واحدة من أحلك مراحلها، حيث يتآكل ما تبقى من الدولة المدنية أمام التمدد الخطير لمؤسسة الأزهر، بقيادة شيخها أحمد الطيب، الذي بات الحاكم الفعلي للبلاد في ظل غياب تام لرئيس الجمهورية.
من المبادرات السياسية، إلى اللقاءات مع وزراء وسفراء، وإطلاق قناة تلفزيونية بدعم حكومي صريح، يبدو أن الأزهر لم يعد مجرد مؤسسة دينية، بل أصبح دولة داخل الدولة، تُمارس سلطتها على العلن، دون رقيب أو حسيب.
الأخطر من ذلك أن الأزهر بات منصة جامعة لكل التيارات الإسلامية المتطرفة، يمنحهم الشرعية، ويعيد دمجهم ضمن عباءته التاريخية، ليرفع من مكانته كمرجعية دينية مطلقة. وهكذا، يتحول الطيب شيئًا فشيئًا إلى ما يشبه “آية الله الطيب”، في نسخة سنّية من ولاية الفقيه، ولكن على الطريقة المصرية.
هذا التمكين غير المسبوق لا يحدث من فراغ، بل في ظل صمت رسمي مريب، وتفويض ضمني من مؤسسة الرئاسة الغائبة عن المشهد. فالسؤال البديهي الآن: من يحكم مصر فعليًا؟ وما هو مستقبل هذا التحالف المظلم بين السلطة السياسية والمؤسسة الدينية؟
ما نشهده هو غزو إسلامي ناعم من الداخل، يستهدف تفكيك الهوية المصرية، وطمس ملامحها الحضارية، لحساب مشروع ديني طائفي لا يعترف بالوطن ولا بالمواطنة.
إن التاريخ لن يرحم من خانوا الدولة المدنية، وسمحوا لمصر أن تتحول إلى نسخة أخرى من جمهورية الملالي.